الأحد، 15 يونيو 2014

دعوة حمل السلاح في العراق

إبان هذه الأحداث الدامية المتفاقمة في العراق أخذت دعوة حمل السلاح حيزاً جيداً من التعاطي سلباً أو إيجاباً . وهذا لأنه موقف مهم ومستجد على الساحة في العراقية فلم يسبق للمرجعية أن أمرت بحمل السلاح بشكل صريح بعد الثورة الشعبانية وبعبارة ثانية لم يسبق للحوزة في النجف أن تدخلت في مسألة سياسية في الساحة العراقية بهذا الوضوح في الفترة الأخيرة ، لكنها تتزامن كذلك مع دعوات أخرى من شيوخ سنة بارزين كالشيخ أحمد الكبيسي . ويظهر من هذه الدعوات استشعار شديد للخطر القادم من تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) و أحلافها وإن كانت الصورة غامضة عن مدى التحالفات التي هناك ، بقايا النظام البعثي ، و جند سنة ، و عشائر . 
على كل حال فإن هذا الموقف من حمل السلاح يمكن استخلاص نقطتين منه : أولاها : أن هذا ينبئ عن احباط من موقف الجيش هناك ولا يُؤمن عدم تكراره مرةً أخرى ، . ثانياً : الخشية من انهيار الدولة المتهالكة التي على علاتها يُرجى إصلاحها والتقدم بها.لكن قارئي دعوة حمل السلاح من منطلق أنها دعوة طائفية يفسرون أحداث الموصل أنها ثورة على حكومة فاسدة من المهمشين السنة وأنها امتداد للتظاهرات الحقوقية في الأنبار السالفة وإن كانوا يتجاهلون حقيقة ضلوع تنظيم داعش في أحداث الموصل وتمكنه منها . و بغفلة منهم سيؤكدون دعوى أن هذا التنظيم كان ذا يدٍ في تلك المظاهرات لأثره الواضح في أحداث الموصل ونينوى وإلا كيف اتفق له أن يكون مع ( الثوار) في نفس الموقعة و إخراج البيانات ؟ .وهذا بغض الطرف أن دعوة حمل السلاح مرفوعة من شيوخ سنة أيضاً الآن .ولا تتسق هذه القراءة مع الخلاف الواضح الذي حاول الداعون لحمل السلاح أنفسهم على أثره أن يرشدو الناس وينصحوهم بعدم انتخاب المالكي سابقاً ، على أنها فرصة للنيل منه ومن حكومته بتركها تصطرع لوحدها مع ( داعش ) في ظل ظروف جيشه الصعبة. و لائمو حكومة المالكي حصرياً وهم محقون في ذلك يجب أن يتلفتوا إلى الجارة سوريا كذلك و ينتبهوا لأثر سقوط الموصل عليها ( بعد أن تم إرسال عدة مدرعات من الغنائم في الموصل و كسر حدود سايكس بيكو ) ليتذكرو الصلة الإقليمية وتجاوز قرائتها محلياً فقط . 
وأقول هذا لأنه يوضح أن داعش وقد اكتفت ذاتياً الآن لديها فائض عن الحاجة ، تستطيع أن تهاجم بغداد والنجف وكربلاء وأبعد من ذلك تنفيذا لتهديداتها بالقضاء على الروافض وبالفرض أنها لن تستطيع السيطرة لكن ستخلق معركة طائفية طويلة تذكرنا بالحرب الطائفية ٢٠٠٥ - ٢٠٠٧ . ونعلم أنهم لن يقضوا على الروافض فقط كما شهدنا في سوريا . وهذا ينبئ عن الحاجة لقوة حقيقة لا يحتمل فيها التخاذل مرةً أخرى كما حصل في الموصل ولا يكون هذا إلا بالدعوة لحمل السلاح شعبياً أو استدعاء الأجنبي ولا شك أن الأحق بلا مين بين هذين هو حمل السلاح لا استدعاء المحتل . وهذا ما حصل. فساد حكومة المالكي وقف ضده الداعون حالياً لحمل السلاح معه في مواجهة داعش بلا نكير من أحد ولكن الحاجة الآن إلى التوحد الوطني ملحة تسمو فوق أي دعوة أخرى ولعلها . و كما لم يقف طموح داعش عند سوريا وهذا معلوم فوصولها إلى العراق نتيجة لذلك الطموح سواءً استقال المالكي - ويفترض به ذلك ولكن لا ماء في وجهه - أو لم يستقل ولا يوجد أي دليل على خلاف سيناريو سقوط الموصل لو كان المالكي مستقيلاً من منصبه فلا حاجة للمزايدة . 
ما يثير الإستغراب هو هذا الإمتعاض -وتعداد التشرذم والخلافات الطائفية والصدامات سابقاً وغيرها - من صدور موقف موحد من هذه المكونات أخيراً ضد خطرٍ داهم وحقيقي يهدد المنقطة كلها وليس العراق فقط ؟ صدور هذا الموقف مع حكومة العراق وليس المالكي من الأطراف التي هي نفسها كانت ترجو استبداله يشي لنا بحجم الخطر الذي يستشعرونه هم لجميع مكوناتهم وأطيافهم . إن تجاوز هذه المحنة التي يمر بها العراقيون متحدين فوق كلِّ شيء وكلما قلَّت الخسائر لكان أفضل كذلك وهذا لا يتسق أبداً مع أي تدخل من الأمريكان بأي شكل كان بل إنه سيعزز احتمالات التقسيم .
ومن المبكر جداً توقع أي شيء قادم من هذه العتمة .

ليست هناك تعليقات: