أقدم للقارئ العربي هذا الكتيب المصور القيِّم عن الأغاليط المنطقية الشائعة في مختلف حوارتنا اليومية، ولا يخفى على القارئ أن عملية التفكير المنطقي / النقدي عملية قوامها التمرن ، وإنما وضع هذا الكتاب بهذا الصياغة التبسيطية والرسومات بالغة الظَرفِ حتى يُتاح للقارئ أن يطلع على تجربة عملية و ممتعة في نفس الآن ، وفي هذا الكتيب اللطيف، سيجد القارئ فصولاً من الأغاليط الشائعة في المنطق غير الصوري ، وقد أحسن الفلاسفة الغربيون بمحاولة تسمية كل أغلوطة بإسم ليسهل حفظها على الدارس بل حتى ليتيسر استخدامها أثناء الإحتجاج ، ولكن معرفة هذه الحيل ، وهذا الكتيب يقدم لك أشهرها ، ليس من قبيل الترف الفكري أو من أجل الإحتجاج على الآخرين بل هو أيضاً من أجل المرء نفسه حتى يتجنب الوقوع في هكذا حيل يلجأ لها الفرد إما تأثراً بالخطاب العام أو ببيئة ثقافية معينة أو غير ذلك .
و تظهر أهمية هذه المغالطات والجهد المبذول من المدرسة الفلسفية الغربية في تسمية هذه المغالطات أنها تختصر على الفرد الراغب في الإطلاع على المنطق بشكل عام أن يخرج وهو محمل بأثمارٍ يستطيع فوراً استخدامها ، ولا نعني بهذا أن الكتب العربية المدونة في المنطق قد تجاهلت هذا ولكنها في مجملها لم تركز على تسمية أغاليط الحجاج بل قللت من قيمة المجادل من حيثُ هو مجادل ومن باب أن المراء مذموم ، فأخرت فصول الجدل والخطابة والشعر في آخر مصنفاتها المنطقية بعد القضايا والأقيسة، لأن من يتمرس فيما سبق من القضايا والأقيسة فسوف لن يحتاج للتركيز على الجدل والخطابة إذ ستغدو تحصيلَ حاصلٍ وإن كانوا عدوها من الفنون التي يستعملها السفسطائيون .
ولكننا الآن ، وفي هذا العصر، لما تباعد قاموس اللغة المتداول عن قاموس لغة الأعصار الماضية ، كما هي سُنُّةُ اللغات جميعاً، يأخذ فَنَّا الخطابة والجدل أشكالاً مغايرة تتمثل في الخطاب الإعلامي والإجتماعي والثقافي والسياسي لم يعتنى بهما في الكتب القديمة المؤسسة علاوةً على أنها صارت تُدرس من أجل المتخصص في الحقل الفلسفي أو الحقل الأصولي الفقهي على وجه الخصوص ، تزداد الحاجة للإهتمام بهذين الفصلين لممارستنا الحوارية اليومية، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية لتحقيق التواصل الحواري الثقافي والإجتماعي في هذا الزمن النافق بالإقصاء والغارق في الدماء .
إنني أدعو القارئ العربي من أي تخصص أن يطلع على هذه المغالطات ويساعد في تثقيف الخطاب العام الذي يبدأ من الذات لتجنب هذه المغالطات أو يرصدها لتسميتها ثم نتجنبها .
أما بالنسبة للترجمة ، فقد حاولت أن أكون أميناً قدر الإمكان على أني بعد الإستئذان من الكاتب صحَّفت ما رأيت تصحيفه ليتناسب مع القارئ العربي وأضفت أبيات شعرية سائرة وأمثلة أخرى في بعض المغالطات أظنها تساعد على فهم المغالطة وحفظها ونرحب بأي ملاحظة يقدمها القراء الأعزاء تساعد في تطوير الترجمة وتحسينها فالكمال لله.
– صادق النمر ، أيلول ٢٠١٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق