النقد لا يكون جماعياً إلا إذا كانت المعرفة في مستوى أفقي واحد.. وهذا لا يمكن تخيّله في كل زمان ومكان إلا في تلك المجتمعات البدائية التي تكون معرفتها ثابتة ومتوارثة.
النقد يبدأ فردياً ثم يشيع بين الأفراد حسب تغلبه على المعوقات التي تعترض طريقه إلى الأذهان.. وهذا النقد إما أن يبدأ من الذات ويسمى النقد الذاتي أو يتجه مباشرة إلى الآخر من المجتمع أو خارجه وهذا لا يعنى المقدرة الكاملة على النقد.. المقدرة الكاملة أن يصبح النقد شاملاً بدءاً من الذات حتى نهاية المدى وأعني بالمدى الدفاع عن القيم الإنسانية العليا دفاعاً متسلحاً بالنقد.
هذه المقدمة الموجزة تسلمنا إلى السؤال التالي: نرى ما نحمله كأفراد أو ما يحمله المجتمع من أفكار وما يفعله من سلوكيات هل هي منغرسة فينا بعد الفحص والنقد أم أنها مجرد إرث من آبائنا الأولين؟
مهمة النقد أن يضع الأفكار والسلوكيات تحت الضوء النقدي وعرضها على سلم القيم الإنسانية الذي يتبلور باستمرار وتتغير مواقع درجاته حسب نمو المعرفة وهذا يعني تاريخية الأفكار والسلوكيات معا إلى الأفق الإنساني الأرحب.
لا أظن أن أحداً يجرؤ على الإجابة بنعم على السؤال السابق.. لأنه لو أجاب بذلك فمعناه أن المجتمع حوض راكد من بشر آسنين. إن معظم ما نحن عليه من أفكار وسلوكيات هي متوارثة نتقبلها بلا فحص لها الأمر الذي يوضح أن المجتمع لايزال غارقاً حتى الحشرجة في مستنقع التقليد ،لا قدرة لديه على أي نقد؟
كيف الخروج من الكهف؟
لابد من إدراك المعوقات أولاً وتسليط معاول النقد عليها.. وأهم تلك المعوقات التعليم ومناهجه والإعلام وما تحثو فضائياته من تجهيل وتسطيح للرأي والسامع.
أما ثاني المعوقات فهو الخوف وهذا أيها السيد المحترم أسبابه كثيرة.. وأظن أنه لو قلت لك عدّد ثلاثة أو أربعة من أسباب الخوف ما توقفت عن تعداد عشرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق