ربما كلمة التطرف الديني قد استعملت في وقتنا الحاضر أكثر مما مضى.
وبلا شك لابد أن تكون هناك أسباب حقيقية تختفي خلف الحجب..
وقبل أن نبحث عن أسباب التطرف الديني.. يجب أن نعرف في بداية الأمر معنى كلمة ( التطرف ) لكي ندلف بعد ذلك إلى أعماق هذه الكلمة ومالها من مدلولات مهمة يجب أن نقف عليها.
تَطَرَّفَ: « الشيءُ:صار طَرَفاً:جاوز حدَّ الاعتدال.ومنه ( تطرَّفَ في آرائه ) فهو مُتَطَرَّف:أي جاوز حدّ الاعتدال فيها» هكذا نقلناه من كتب اللغة .
ولو رجعنا إلى هذه الكلمة ومعناها نجد في التاريخ الإسلامي بشكل عام حالات معينة وأحداث ومواقف لا تخرج عن هذا الإطار في معناها وما تحتويه في شتى العلوم.
وبما أننا خصصنا هذا الموضوع عن التطرف الديني وهو الأهم في تصوري، لأن الدين أساس الحياة وبه تقوم الشعوب.. وبه تستطيع أن تواكب الحضارات.
وإذا دققنا النظر في هذا التاريخ نجد أن هناك مواقف كثيرة جدا كان سببها التطرف الديني وقد أحددها انه من ضمن أسباب التطرف هو قلة الوعي في المجتمعات بشكل عام..وقد يسأل فرد سؤال ويقول: المجتمع الإسلامي وما فيه من رموز وأعلام بارزين على مدى التاريخ الإسلامي، ويكون هناك جهل وقلة وعي؟! فالأمر في غاية الغرابة؟
وأيضا لو أردنا أن نجاري هذا السؤال لنقول، ونحن الآن وفي هذا القرن ونجد كلمة التطرف ومعناها قد تمكنت من المجتمعات الإسلامية وأخذت نصيب وافر؟! ألا يدعو ذلك على الغرابة؟
بالنسبة للجهل وقلة الوعي في المجتمعات، لا يمكن لأحد أن يستأصلهما على الإطلاق، لأنه بما أن هناك رموز تدعوا إلى العلم والى التسامح والى العدل والى الاحترام، أيضا هناك في الضفة الأخرى أناس يشعلون فتيل الجهل ويبثون أفكارهم بقصد أو بدون قصد، وهذا أمر طبيعي جدا. ولكي نفهم الدافع لهؤلاء الفئة في عملهم هذا نجد هناك أمور كثيرة منها قلة الوعي كما أسلفنا، ويندرج تحت هذا الاسم أمور منها العصبية.الحقد الاستعلاء الخوف من النقص وغير ذلك. ودعونا نقف قليلا اتجاه العصبية الدينية وهي مفتاح مهم جدا للوصول إلى باب التطرف الديني.
والعصبية هي مرض منتشر بشكل كبير جدا في المجتمع، وهي تأتي لتشعل فتيل الأزمة بين التيارات الدينية المتصارعة، وتحرك أوارها، وتذكي سكونها، وقد تجد لذلك متكأ ومعونة وارض خصبة لتغرس فيه بذورها، وأسبابها كالآتي:
1. الانغلاق
الانغلاق بين التيارات الموجودة في المجتمعات، ويمثل هذا الانغلاق صورة سلبية وحالة قاتمة تمهد الطريق بشكل كبير للولوج إلى استشراء هذا الداء، والانغلاق الذي أقصده هو عدم فهم الطرف الآخر، بما يحمل من أيدلوجية واضحة، وهذا يسبب عدم وضوح الصورة الحقيقية للطرف الآخر وبالتالي نشوب نزاع وتصادم آثاره معروفة.
2. الإقصاء
وهو صورة واضحة لما تحمله بعض التيارات الموجودة، وتتمثل درجة الإقصاء في نبذ أي طرف في الساحة بل ومحاربته. وهذا الإقصاء يجعل الفرد منزويا على نفسه متصورا أن التيار الذي ينتمي إليه هو الأصح وهو الأفضل وهو الذي يجب أن ينتشر في الساحة الإسلامية، بل ويجب القضاء على جميع التيارات الموجودة لاعتقاده أنها مرض يجب استئصاله.
وهذه النظرة الضيقة والمحدودة، تسبب نزاع حاد وخطير جدا بين هذه التيارات.
3. الإكراه
والذي أقصده من هذه الكلمة هو إجبار التيارات الأخرى في الدخول إلى تيار واحد، وهذا الإكراه أو الإجبار يتمثل في مواقف عمليه يتخذها هذا الطرف من فرض جميع مبادئ وآراء هذا الطرف على الشارع الإسلامي واستخدام القوة من أجل انتشار وبث هذه الآراء وإكراه الناس لتطبيقها.
وهذا أمر مرفوض من قبل العقل قبل الدين، وهو خطير جدا، يسبب صراع ليس له نهاية. ونتيجته هو الانغلاق وقلة الوعي، والاتباعية وغيرها... ونحن الآن وفي هذا القرن يجب أن نفهم ما يدور حولنا فإذا صلح أمرنا استقام عودنا. فالهيمنة والإكراه والإقصاء وغيرها هي كلمات تحمل في طياتها تطرف شنيع يجعل المجتمع يعيش في دوامة ومشاكل وأمور لا تحمد عقباها. فلنكن وسطاء، نعرف كيف نتعامل مع التيارات المختلفة بل نعرف كيف نكون علاقات ذات صلة حميمة وعميقة مع هذه التيارات.
وفي الختام... يجب أن نعرف أن التطرف الديني له عبارات أخرى يطول الحديث عنها ولكننا اكتفينا هنا بهذا المقدار اليسير، روما للاختصار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق