منذ اكثر من سنتين والنقاش العقيم
محتدم ولم يتوقف الى يومنا الحاضر في احد الموقع الالكترونية حول اللحوم المباعة في اسواقنا .... عن صحة تذكيتها ؟ وماذا يحكم على المستورد منها ؟ وهل تنطبق قاعدة سوق المسلمين على اسواق بلادنا ام لا ؟ ....
ولما لم يتمكن اي من الطرفين في اقناع الاخر بمسلماته ، حصل بينهم ما يشبه الهدنة الغير معلنة بان يعمل كل باطمئنانه ، ولكن الطرف المتشدد جاء باطروحة جديدة الهبت النقاش وسحبته الى مرحلة اشد من الحدية والتشنج ... الأطروحة باختصار تقول ان الانسان لو (( أكل)) لحما وهو مطمئن انه مذكى شرعا ولكنه -في علم الله - ليس كذلك فإن آثاراً تكوينية ستلحق به وتؤثر على سلوكه واخلاقياته ؟! ...إلا ان الطرف الاكثر تسامحا رفض بشدة هذه الاطروحة ووصفها بالتنطع المبالغ فيه !!
وحدث نتيجة لذلك حالة استنفار واستعراض لاراء الفقهاء في هذه المسألة فجاءت اراء المشهورين منهم كالسيستاني والخامنائي على عكس ما يريده المتشددون ، بينما تمسك الطرف المتشدد ببعض الاراء لفقهاء آخرين تؤيد توجهاتهم .
والحوار في ظاهرة يبين مدى حرص البعض على بيان خطورة ما يدخل جوف الانسان وضرورة تنبيه المؤمنين بذلك ، ولكنهم حصروا هذه الخطورة على ( اكل) اللحم المستورد الذي يباع في سوق المسلمين فقط ... وهم بذلك قدموا المتشابه الذي هو اكل لحم الحيوان على المحكم الذي بينه الله في كتابه الكريم كالغيبة واكل مال اليتيم التي لا يختلف اثنان في اثارها التكونية والنفسية والتي ينبغي ان تعطى الاولوية في الحوار ... ومن هنا يتبين للقارئ الكريم بكل وضوح معنى (التمسك بالبردعة وترك الحمار) ... فقد جاء في الذكر الحكيم ايات محكمات واضحة الدلالة لهذا المطلب نستعرض هنا بعضها للتوضيح والتذكير .... فالذكرى تنفع المؤمنين
قال تعالى في الغيبة التي اصبحت فاكهة المجالس و دور العبادة في مجتمعنا
-(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) الحجرات ١٢
وقال سبحانه في اكل مال اليتيم ومجتمعنا لا يخلو من هذه الظاهرة
( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا )النساء ١٠
وقال في كتمان الشهادة ومجتمعنا ايضا لا يخلو من بعض نماذجها
(ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ماياكلون في بطونهم الا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم) البقرة ١٧٤-
وقال تعالى ( (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة ٢٨٣
وقال في اكل الربا الذي يتفنن البعض في ممارسته
(الّذِيْنَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلاّ كَمَا يَقُومُ الّذِي يَتَخَبَطُهُ الشيطان من المس) البقرة ٢٧٥
ان هذا الحوار الساذج - وله نظائر كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي لمدينة الدمام - والذي يدل على خواء فكري ، هو افراز طبيعي لهذا المجتمع الذي يعيش منذ سنوات في حالة من عدم الثقة وسوء الظن والتشكيك بالنويا والقطيعة بين افراده ... وما كان لهذه الثقافة البعيدة عن فكر وتوجيهات اهل البيت ع ان تجد لها مناخا مناسبا لولا تصدي بعض كبار القوم برعايتها والترويج لها لغايات دنيوية يدرك كثير من عقلاء المجتمع خلفياتها ... واذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة اهل البيت كلهم الرقص ... ومن البديهات ان من يقاطِع يُقاطَع، ومن يُسيء الظن يُساء به الظن ،ومن لايثق في اخيه المؤمن سيعامله بالمثل ، ومن يُهَمش يُهمش ، ومن يستثني يُستثنى ، وكما تدين تدان ، والكل خاسر في هذه المعركة ، وإذا كانت القوانين الوضعية تقرر أن لا عقوبة بلا جريمة، فإن الله سبحانه وتعالى - لحمكة يريدها -يقرر أن الذنوب إذا ظهرت في المجتمع فإن ذلك يستدعي عقوبة المجتمع بأكمله، وهو ما قررته الآية الكريمة في قوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب} الانفال ٢٥
السيد احمد العلي النمر
الدمام. ١٩-٤-٢٠١٤م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق