الاثنين، 31 مارس 2014

إنصاف الشورى

مجلس الشورى محكوم بنظام، هذا النظام يصنع له إطارا ويرسم له دورا محددا. وضمن ذلك الدور يمارس مجلس الشورى مهامه. ودون المساس بحق أي مواطن أن يرسم الصورة الذهنية التي تروق له عن مجلس الشورى وأعضائه وأدائهم، لكن من الانصاف أن تكون تلك الصورة الذهنية قائمة على كم وافٍ من المعلومات. هنا، أزعم أن العديد ممن يتناولون أداء مجلس الشورى –سلباً أو إيجاباً- لم تتح لهم المعلومات للتعرف على الشورى وإدائه عن كثب. ولطالما نوقش هذا الأمر في دهاليز الشورى بل وحتى تحت القبة. ولذا، نجد أن التناول في كثير من الأحيان هو تناول انطباعي؛ بمعنى أنه يرتكز على تصريح لأحد الأعضاء حول قضية من القضايا. وضمن هذا السياق، فقد اشتعل «تويتر» مراراً بقضايا كان محورها تصريحات أو مقولات لأعضاء في الشورى حول الرواتب أو السكن أو شئون أخرى من الاهتمامات العامة للمواطنين.

ولعل من الملائم هنا التميز بين عضو (أو عضوة) الشورى وبين المجلس برمته؛ فالمجلس يتخذ قراراته بالتصويت، وهي تعكس إرادة المجلس وتمثيله، وتصدر بها نشرة صحفية عن المجلس عقب كل جلسة. أما تصريحات الأعضاء المنفردة فهي تخصهم، وتعكس رؤيتهم حول قضايا مثل السكن أو الرواتب أو سواها. ولا يصح أن تعمم هذه باعتبارها وجهة نظر المجلس أو الغالبية من أعضائه، ففي ذلك تجاوز للحقيقة، بل تنسب وجهة النظر تلك لصاحبها، وحسب له أو عليه.
ولن أتناول تاريخ الشورى والمنعطفات المهمة فيه، وهي تجربة تجاوزت العقود الثمانية، فقد تكفي الإشارة إلى أن نظام الحالي لمجلس الشورى خضع لعدد من التعديلات التي تتصل بعدد الأعضاء وبصلاحيات المجلس وخصوصاً ما يتصل بالمادة 17 والمادة 23. لكن التطورات المفصلية في مسيرة المجلس حدثت من خلال الممارسة، مثل تعيين 30 مواطنة عضوات في مجلس الشورى، في رأي د. ثريا عبيد أن هذا التعيين يماثل بالنسبة للمرأة السعودية، من حيث الأهمية قرار تعليمها وافتتاح مدارس حكومية لها قبل ما يزيد عن نصف قرن. تجدر الإشارة ان نظام مجلس الشورى في الأساس، لم ينص على جنس أعضائه. ولعل إحدى الممارسات التي لها تأثير واضح على وظيفة الشورى فهي علاقة المجلس بالإعلام. والنقطة الأساس هنا يمكن تلخيصها في سؤال: لماذا لا تبث جلسات مجلس الشورى على الملأ؟ بل لماذا لا تطلق قناة تلفزيونية رسمية تخصص لبث الجلسات العامة للمجلس واجتماعات اللجان المتخصصة والخاصة التي هي لبّ المجلس ومصنع قراراته وتقاريره، إضافة لبرامج حوارية وتحليلية حول ما يناقش من مواضيع. يطرح تحت قبة المجلس مواضيع متنوعة في مجالات عدة، بعضها تفصيلي تخصصي بل وحتى إجرائي كالتصديق على الاتفاقيات والمعاهدات، وجلها لصيق باهتمامات المواطن من تعليم وصحة وخدمات بلدية وإسكان، وبث تقارير اللجان ومداخلات الأعضاء حول توصيات اللجان وتفنيدها بين المعارضة والتأييد سيوضح صورة أكثر دقة وصدقاً عما يثار في المجلس، وكيف يتطور النقاش وتتطور من خلاله توصيات اللجان لقرارات للمجلس. ولعل من أفضل ما يمكن أن تغطيه «قناة الشورى» استضافة (ولا أقول استجواب) المجلس أفرادا من الصف الأول من الجهاز الحكومي وتحديداً من الوزراء ومن في حكمهم، فهي تبين النقاش، وكيف يتفاوت الوزراء في أسلوب استعداداهم لمثل هذه «الاستضافات». في ظني، أن التقنين الإعلامي القائم حالياً لم يعط المواطن والمهتم والمتابع بشئون الشورى الفرصة للتعرف على ما يقوم به المجلس على وجه التحديد، ولا حتى عن توجهات لجانه وأعضائه، وما القضايا التي تناقش، وما عناصرها وأساسياتها. والأمر لا يقف عند التعارف بل ان وجود قناة تلفزيونية وقنوات تواصل نشطة بين المواطنين والشورى سيعززه ويثريه.

ليست هناك تعليقات: