«لست وحدك» عنوان برنامج إذاعي
يبث من الإذاعة السعودية من جدة، يعنى بعرض حالات لمساعدتها إما بوجاهة البرنامج مع الجهات الحكومية لتحريك أو حلحلة الإجراءات البيروقراطية، أو للحصول على مساعدات مالية من فاعلي الخير لصالح من تعرض حالاتهم على مستمعي البرنامج. لا أعرف لماذا لم أستسغ البرنامج، أقول هذا مقدراً نوايا وجهود القائمين على البرنامج، ولا شك أن جهوداً كبيرة تبذل من قبلهم لتلقي الحالات وفرزها واتخاذ الإجراءات الملائمة وبعد ذلك التواصل مع أصحابها لعرضها في البرنامج. لم أستسغ البرنامج ففيه قدر هائل من الألم والمعاناة التي لا يجدر أن نجعلها –كمجتمع- أن تنتظر وأن تعرض على الملأ، وكأن ليس بوسعنا –كمجتمع- أن نفعل أفضل من هذا. لكننا كمجتمع بوسعنا أن نفعل أفضل، فعلى سبيل المثال لدينا وزارة معنية بالشئون الاجتماعية، ضمن جهات أخرى.
عرضت الحلقة التي استمعت لها حالة سيدة سعودية متزوجة ولديها أطفال، وزوجها لا يجد عملا، ومنزلها ايجار. حكت عن معاناة زوجها في البحث عن عمل رغم أنه لا يشترط فطموحاته لم تتجاوز وظائف المستخدمين. وكما عرضت السيدة بأنها حاولت الحصول على عمل لمساعدة اسرتها، في الجامعة القريبة أو في إحدى المدارس، لكن الراتب الذي عرضته المسئولة في المَدرسة الخاصة على السيدة السعودية كان ألف ريال شهرياً مقابل تنظيف المجمع المدرسي بما فيه دورات المياه!.
وفي أثناء الحلقة عرضت العديد من المكالمات تبين استلام حالات سابقة لمساعدات مالية، إما كمساعدات نقدية أو لسداد ايجار. وعرضت الحلقة كذلك لحالة فتاة لم يسمح لها والدها ولا لأخواتها بالذهاب للتعليم، فانقطعت بهن السبل. ما بثه البرنامج مؤلم أن يعرض في الإذاعة وكأننا نقول "لله يا محسنين"، في حين -كون الحالات سعودية- فبوسعها التوجه لوزارة الشئون الاجتماعية للنظر فيها، حتى تحصل على مساعدة من الخزانة العامة، فلدى الوزارة برامج متعددة. بل أتساءل: لماذا لم يحولها البرنامج للوزارة مباشرة؟! ثم لماذا يضطر أحد أن يلجأ لبرنامج إذاعي لتصل حاجته لصاحب القرار أو إلى صاحب قلب رحيم ليحصل على المساعدة؟ لعل الأسلوب الأنجع، والذي لا يترك المحتاج عرضة للانتظار، هو أن تطلق كل جهة خدمية حكومية رقماً لدراسة الحالات الصعبة ومتابعتها. ولابد من ملاحظة أن المواطن له حق كبير، ويكبر هذا الحق إن كان صاحب أسرة. وقد يقول قائل: وما ذنب المجتمع إن لم يتعلم رب الأسرة ولم يجد عملاً لأنه كسول أو لانه غير منضبط أو منتج؟ ذنب المجتمع أن لدى هذا الشخص أسرة؛ زوجة وأولادا، ومن هذا المنطلق فإن إهمال هذا الشخص سيعني كذلك إهمال من يعول، وهذه عقوبة متعدية، ولذا لابد من مساعدته ليساعد من يعول، وللتأكد من أن حلقة الحاجة والعوز والفقر لن تتواصل عبر الأجيال، فخير وسيلة لكسر دابر الفقر هو أن يبرز أحد أفراد الأسرة فيتعلم وينجح في حياته وينتشل معه أسرته من أتون الحاجة، وبذلك فهو لا يقدم لها خبزاً فقط بل يحافظ على كرامتها. في مجتمعنا لا أرى مبرراً أن يضطر أي مواطن لعرض حاجته وخصوصاً المادية على الملأ، ففي ذلك تجاوز كبير على كرامته، وقد ذكر في البرنامج «لست وحدك» أن بعض المحتاجين يأنفون من عرض حاجاتهم عبر البرنامج، فمن لهؤلاء؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق