في شتاء 2004 جاء إلى متكأ ناجي الحرز في شقته في الدور الثالث في حي الخرس ، يسمي ناجي ذلك المتكأ ب(السماء السابعة ) تهكما .
كان خجولا لأنه يدلف مجلسا أدبيا لأول مرة في حياته كان يرافقه زميله في كلية الطب د. علي الجنوبي ، والجنوبي هو شاعر فحل لولا أنه تجافى عن الكتابة حتى تجافت عنه لقد كان الجنوبي عرابا لمنتدى الينابيع هو من حمسني وحمس الهميلي لارتياد المتكأ وكان يحرضنا على الشعر حد الاحتراق ، احترقنا وانطفأ هو !!
كان الدندن صامتا يراقب بحذر ولما حان الدور ، تبدل الدور ! وأصبحنا نراقب بصمت ، كنت ألمح في عين ناجي شيئا يشبه الانهمار هذا اللمعان الذي أصبحت أدركه بخبرة أنه ختم مصدق بالشعرية ، لقد جاء الدندن شاعرا متقنا لدروس الخليل بلا أستاذ فلا يحتاج لرتق زحاف ولا إقالة كبوة روي !
كان جريئا في كتاباته يصرخ بتمرده وكأن قدر هذا الجيل الصراخ حتى في أشد حالات الانغماس بالصبوة :
ويحا لكل فقيه أمس لقنني - كيف الوضوء ...ولم يشرح وضوءك لي
ويقول في مدح الأحساء :
كفرتُ بـ(النحو) طرّاً واعتذرتُ له _ أعظم بمجدك عن (فعل) وعن (خبر )
إنها حالة الغضب الشاب وفورة الفكر الذي تعيش حالة الصراع بين منطق العاطفة ومنطق العقل :
هنا انشطرتُ، فنصفي مَحضُ فلسفةٍ
والنّصف رفْرَفَ مذْعوراً إلى زُحَل
لحمي صراعاتُ (بوذيٍّ) و(مُلحِدةٍ)
وجِلْدتي حربُ (صوْفيٍّ) و(مُعْتَزِلي)!
الدندن رغم اقترافه للصور الصعبة ودخول زواريب القناعة الفكرية المشعرنة وعرامة لغته إلا أنه يفاجئك أحيانا بهمس شفيف :
مظلتي بنتوء أروحها أثقبها _ تبلني بحبيبي كلما هطلا
يكتب التفعيلة علي الدندن بمزاج مختلف متحررا من عبء العمودي متملصا من ذاته العمودية الغنائية لتشعر بمذاق مختلف .
تربطني بعلي علاقة جميلة حين أنفرد به في الطرقات نتجاذب أفكارا جريئة أجده هو من يحفزني للقفز أعلى على الحواجز الوهمية أمام سؤالات العقل ، الحديث معه فاتن مع رشفة شاي وخلوة مقهى ، حيث يطل هذا الشاب بجدية تميز شخصه خصوصا حين يتعاطى الفكر ويسرح بك حين يهيم في ملكوت الشعر ، ولما علمت منه على سفرة عشاء ضمتنا أنه يعد نفسه للمشاركة في مسابقة (شباب عكاظ ) بضرس قاطع قلت : هي له !
علي الدندن عبدالله الهميلي حيدر العبدالله تجارب شعرية تحاول التملص من النمطية والتحليق في سماوات إبداعية متجاوزة ، هم يحاولون بشكل جاد أن يضعوا للجيل الشعري الجديد في الأحساء بصمة عصرية رغم اختلاف تجاربهم ، وقد أتهم هنا بالمحاباة والشللية لكن تخصيصي لتينك الأسماء لأنهم الأصغر عمرا وفي مرحلة متقاربة في الجيل الشعري ويحملون هاجس فكري إنساني بعيد عن الأدلجة والضجيج الجماعي .
سعيد بمعرفتهم !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق