مما يؤسف له أننا أصبحنا في زمن يجتر فيه البعض مغالطات السابقين
بعد تغيير المصطلحات والكلمات لتنسجم مع الواقع، ولعل ذلك يصدر بحسن نية ودون قصد.
سنة الشيخين...!
مذهب السنة والجماعة...!
الصحيحين...!
ان المدقق يدرك أن هذه المفاهيم، إنما هي أدوات تم استحداثها لحصانة قواعد تسلط وتحكم يجب الحفاظ على استمرارية صلاحيتها، ومنها:
تهمة سب الصحابة ..!
رفع المصاحف على الرماح...!
فكيف تحولت هذه المفاهيم (المغلوطة) الى قواعد وأسس ومعايير لتصنيف الناس، بل أصبحت هي الضوابط الحاكمة على شريعة خاتم الأنبياء والمرسلين، وتحولت تلك الى أدوات ووسائل مشروعة لدى البعض ...؟
برأيي، ان استبدال منهج تقديس المبادئ بمنهج تقديس الأشخاص هو الخلل الأوضح والأخطر.
فالممارسات على أرض الواقع شيئ، والتنظير للاخلاقيات في سطور ملغومة شيئ آخر.
ومثال ذلك، ما يعانيه الشيعة بمواجهة (فرية سب الصحابة) في كل وقفة موضوعية لهم أمام (حدث السقيفة) والفتن التي نجمت عنها، بل ما زالوا يواجهونه حين يبدون رأيهم أمام أي حادثة تاريخية أو نظرية علمية يكون فيها بعض الصحابة موضع ادانة من حيث المبدأ ومن حيث الممارسة عموما...!
ومما لا يخفى ان تهمة (سب الصحابة) تهمة مطاطية استُخدمت لقمع الشيعة عن الحديث او كشف ما ارتكبه (بعض الصحابة) بمخالفتهم للسنّة النبوية الصريحة...!
الغريب أن تجد بعض معممي الشيعة يمارس حالة من الترهيب والقمع تحت مظلة التحذير من خطورة (تسقيط الرموز) ويكرر ذلك برفع القيم الرمزية والمفاهيم المقدسة كما رُفعت المصاحف على الرماح كسوط وذريعة، لقمع او لمنع أو حجب الحديث عن ممارسات وسلوكيا خاطئة ومؤلمة في شؤون عامة لبعض الشخصيات، او سلوكياتهم تجاه آرائك وشؤونك (الخاصة) فهو يحاول تصوير أي نقد أو رفض لتك الممارسات (الخاطئة بشكل صريح) بأنها تسقيط..!
كما يظهر الاصرار على رفض نتائج تلك السلوكيات الخاطئة والتأكيد على تصحيحها بأنه تسقيط...!
وكذلك يظهر الحرصَ على ازالة العوامل المسببة للفتن بأنه تسقيط...!
وكذلك يصوّر رفض التحريض (الصريح) بين المجتمعات (او الأسرة الواحدة) ورفض الظلم والحيف (الذي لا جدال فيه والمكشوف حتى بالصورة) بالتسقيط..!
وهكذا تّرفع هذه (التهمة والفرية) كشعار بزعم الحفاظ على الوحدة الاجتماعية ويتم ترديدها ودسها بمناسبة وبغير مناسبة، كما يردد الطائفيون فرية (سب الصحابة)..
وكذا يحاول البعض أن يصف هذه المواقف المبدئية بالتطرف من غير أن يوضح ما هو وجه التطرف الذي يعنيه، في زمن فتنةٍ لا تحتمل لغة مبهمة، ولا تحتمل توزيع الاتهامات يمينا ويسارا دون ضوابط واضحة لذلك، بل دون وضوح معايير التسقيط أو السقوط (الذاتي) بارتكاب ما يوجب ذلك.
مع غياب هذه المعايير، يبدو أن وصف الترهيب هو أقرب لتلك الممارسة حين تغيّب المعايير والمبادئ، ولا يمكن اعتبار ذلك سياق نصح أو اشفاق او أمر بمعروف أو تلبّس به، فحتى ابليس (عليه اللعنة) ادّعى انه من الناصحين...!
اتمنى من هؤلاء الذين تدفعهم الغيرة الحسنة وتجذبهم الأهداف النبيلة أن يعيدوا قراءة الواقع استنادا الى المبادئ الأخلاقية والشرعية (الواضحة) التي يجتمع عليها المختلفون أنفسهم، تأكيدا عليها كمقدّسات، وأن تكون منطلقاتهم للنصح هو تقديس المبادئ وليس تقديس الشخصيات التي لا يجوز أن تنسينا قدسية مبادئنا وأخلاقياتنا، ولا يجوز أن تغيّب ضمائرنا، تحت أي ذريعة كانت، لأن بدونها سنسقط جميعا، لهذا، أقول:
لا لتسقيط المبادئ
نعم لتقديس المبادئ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق