الأحد، 30 نوفمبر 2014

المواقف بين المعيارية والذاتية



نص الخطبة التي ألقاها السيد حسن النمر بعنوان «المواقف بين المعيارية والذاتية» يوم الجمعة ٦ صفر ١٤٣٦ هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين .

رب اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي .

عباد الله ! أوصيكم - ونفسي - بتقوى الله .

كيف يجب أن نبني مواقفَنا ؛ في المسائل كلها ؟

هذا سؤالٌ يُلِح علينا ؛ من حيث أو من حيث لا ننتبه . لأننا لا يمكن أن نكون لا أباليين في ما يُطرَح علينا من مسائل ؛ في ما نقرأه ، أو في ما نسمعه ؛ من القريبين منا أو البعيدين عنا ، في مختلف صنوف المعرفة ، في مختلف صنوف حقول التعامل الاجتماعي في أكثر من صعيد .

هذا ما أريد أن أقف عنده في هذه الخطبة ، وخطبة أخرى ، وقد يمتد بنا الحديث إلى أكثر من ذلك لأهمية الموضوع .

فعنوان حديثي سيكون ( المواقف بين المعيارية والذاتية ) .

المواقف شرحنا ماذا نعني بالمصطلح . ما المقصود بين المعيارية والذاتية ؟

أقصد بذلك : أن الإنسان يمكن أن يبني مواقفَه بناءً على أسس ومعايير موضوعية ، تفرضها قواعدُ العلم والبرهان والمعرفة ، الدينية في المسائل المتعلقة بالدين ، والعلمية في المسائل المتعلقة بالعلم ، ونحو ذلك .

وهناك مَن يبني مواقفه على أساسٍ ذاتيٍّ مزاجيٍّ ، لا ينطلق من قواعد علمية . ولذلك ، تجده يحرِّم الشيءَ هنا ، ثم إذا به يفتي بحلية ما يشبهه تماماً في موردٍ آخر !! لأنه لا ينطلق من قاعدةٍ علميةٍ يرتكز عليها ؛ حتى يُحكم بأن حكمَ الأمثال - في ما يجوز وفي ما لا يجوز - واحدٌ . فلا يصح أن نقول أن ألف ؛ المساوي لباء ، حكمه كذا ، في حين أن الذي يشبهه تماماً نعطيه حكماً مغايراً ، دون أن تتفاوت الظروف ، دون أن تتفاوت الملابسات !

هذه أحكام ذاتية ، مزاجية .

ومن ثم نجد أن هناك اختلافاتٍ وتبايناتٍ بين الناس ، لا تستطيع أن تنزع فتيلَ التوتر بين الأطراف المتخالفين ؛ لأن هذين الطرفين ، أو أحد هذين الطرفين ، المتخاصمين - في هذه المسألة أو تلك - لا يحكمه البرهان ، لا يحكمه العلم والقواعد . وإنما ينطلق من مزاجية . يعرف أن هذا الموقف الذي اختاره ليس موافقاً للعلم ، لكن لأنه انطلق من فلان ، وتبناه فلان ، أو يخدم فلاناً في ثمراته ، نجده يرفضه !

ولو أن المسألة لم يتصدَّ لها مَن هو على خلافٍ معه قد يختار الموقفَ نفسَه .

نبتلى بهذا ؛ لأننا في ساحاتنا بين الفينة والأخرى ، نجد أن ثمة مسائلَ تُثار ، ويدخل الناس فيها في حالة من التجاذب ، لو أننا استطعنا أن نؤسِّس في أنفسنا - على مستوى الفكر ، وعلى مستوى الاختيارات النفسية - بنيةً علميةً جيدةً لسهُل علينا أن نتعاطى في هذه الموارد ، دون أن نقع في حالة من التنازع ، نهانا الله سبحانه وتعالى عنها ، وبيَّن لنا لها خطورتها .

حيث يقول { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [الأنفال/ 46] .

أقدِّم بين يدي هذا الموضوع ؛ الذي هو - بطبعه - موضوعٌ طويلٌ ، ليس موضوعاً قصيراً ؛ حتى يُعالَج في خطبة أو خطبة أو ثلاث . لا ، في الحقيقة قد يستغرق الإنسانُ عمراً كاملاً ليبني نفسَه بناءً جيداً ؛ حتى تكون مواقفُهُ مواقفَ منتظمةً ضمن القواعد .

هناك خمس أسس ، ومنطلقات ، ينبغي أن نضعها بعين الاعتبار .

 

 

 

1 - تحقق الاختلاف بين الناس

المنطلق الأول : هو أن الاختلاف واقع بين الناس

وهذا أمرٌ لا نحتاج أن نستدل عليه . الاختلاف بين الناس أمرٌ حاصلٌ ، في المسائل الفكرية ، والاقتصادية ، والسياسية . هناك مَن يريد أن يرفع سعر السلعة الفلانية ، هناك مَن يريد أن يخفض سعر السلعة الفلانية ، هذا له مبرراتُهُ ، هذا له مبادراته . قد يكون هذا مجانب للصواب تماماً وهو في خطأٍ تامٍّ ، وقد يكون الآخر بالعكس . وقد يكون عند هذا شيءٌ من الصواب ، وعند هذا شيء من الصواب .

فالاختلاف هذا أمرٌ حاصل في كل شي .

 

 

 

2 - سعة الاختلاف وتجذره

المنطلق الثاني : هو أن الاختلاف الحاصل بين الناس ؛ حتى في الأسرة الواحدة ، بل حتى الشخص الواحد أحياناً يجد نفسَه يختار شيئاً ثم يختار خلافه ، على خلاف ما ينبغي أن يفعله . كان ينبغي أن يكون موقفُهُ الثاني منسجماً ومتناغماً مع الموقف الأول لكن لأن النوازعَ عنده تفاوتت صار لديه اختياران متخالفان .

ولذلك ، تجدون العلماء حينما يلاحق أحدُهما الآخرَ ؛ في مناقشةٍ علميةٍ ، يسجل بعضَ الملاحظات بناءً على أن هذا الرأي ؛ الذي اختاره فلان ، لا ينسجم مع الذي اختاره لنفسه . يقولون وقع في تناقص .

حيث كان ينبغي أن يقول كذا ، على خلاف ما اختار ؛ لأنه يقول في الأساس الفلاني كذا .

المنطلق الثاني هو : أن هذه الاختلافات الحاصلة بين الناس اختلافات متجذرة ، ومتسعة . حتى يصح أن نصِفَها بأن اختلافات عمودية وأفقية .

المتدينون مختلفون في ما بينهم ، غير المتدينين مختلفون في ما بينهم ، أصحاب المذهب الواحد يختلفون في ما بينهم ، أصحاب المدرسة الفكرية الواحدة ، والاجتماعية الواحدة ، نجد أيضاً أنهم مختلفون .

فهذا الاختلاف - لأنه متسع بهذه الدرجة - ليس أمراً يمكن لنا أن نسوِّغ لأنفسنا أن نتجاهله ؛ لأنه لم يعد أمراً مهماًّ !

لا ، الحقيقة هو أن الأمر لم يقف عند هذا الحد .

المسائل التي ترتبط بالأفراد والجماعات أصبحت - أيضاً - يطالها الخلاف .

هل نتعامل مع القضايا الأم بهذه الطريقة أو بتلك الطريقة ؛ حتى مثل هذه المسائل أصبح يطالها . فغلِّب الفرعيُّ على الأساسي ، وتجاهلنا الأساسي لحساب الفرعيات !

ومن ثم تجد الأمم ، أمم تتقدم مشغولة بما هو مهمٌّ ، وأممٌ تتأخر وتتخلف لأنها مشغولة بما هو غير مهم ، بل يصح أن نقول بالتوافه ! بالتوافه !

لا أريد أن أدخل في بعض العناوين ؛ حتى لا نجرح أحداً في عاطفته ؛ لأنه بالفعل نحتاج إلى أن نحافظ على مشاعر كثيرٍ من الناس ، وإلا ثمة أموراً هي أشبه بالتوافق فعلا أصبحت تشغل الأمة ، وتستهلك الكثيرَ من وقتها ؛ حتى قضايانا الأساسية .

 

 

 

سفاسف الاختلافات وقضايا الأمة الكبرى - فلسطين مثالاً

من باب المثال ( فلسطين ) .

فلسطين التي هي من أقدس مقدسات قضايا الأمة ، بل من أقدس مقدسات القضايا الإنسانية . ليس هناك بلدٌ محتلٌّ في العالم - بالمعنى المعروف - إلا فلسطين ، ثالث الحرمين ، أولى القبيلتين ! اليهود والصهاينة يهودون ويصهينونها ! وبعض أبناء جلدتهم ، بعض أبناء منطقتنا ، مشغول .

أنت فاسق أو مؤمن ؟!

أنت مشرك أو مسلم ؟!

أنت معنا أو ضدنا ؟!

فبدل أن تتوجه بندقيته ، اهتماماته ، لتحرير القضايا الأم ، والمسائل الأم ، يشغل الأمةً ، ويلهيها في ما لا ينبغي أن تشتغل به !!

هذا يفرض علينا أن ندرس هذه المسألة ؛ حتى نحسن اختيارَ المواقف .

 

 

 

3 - الاختلاف مذموم وحميد

المنطلق الثالث : هو أن الاختلاف ليس دائماً مذمومٌ ؛ حتى يأتي أحد يقول لا تختلفوا! !

الناس - بطبيعة الحال - سيختلفون . ذهنيات الناس ، عقليات الناس ، قابليات الناس ، الزوايا التي ينظر الناسُ منها إلى المسائل لا يمكن أن تكون واحدةً .

المرأة تفكر بطريقة ، الرجل يفكر بطريقة ، الغني يفكر بطريقة ، الفقير يفكر بطريقة ، الطفل الصغير يفكر بطريقة ، الكبير في السن يفكر بطريقة ، الصحيح يختلف في نظرته على الإنسان المريض في بدنه ، وهكذا .

فثمة اختلافات هي أمورٌ منطقيةٌ .

ولذلك ، القرآن الكريم ، وآداب الإسلام لم تقل لنا ( لا تختلفوا ) . الله سبحانه وتعالى نهانا عن التنازع ، قال { وَلا تَنَازَعُوْا }. لم يقل لا تختلفوا . الاختلاف أمرٌ طبيعي .

ولذلك ، نجد أن الاختلاف - لأنه حميد - لا يترتب عليه أضرار 

ارم بصرك إلى الجامعات والحوزات العلمية ، في مستوى الأساتذة والعلماء ، نجدهم يختلفون . هذا يفتي بالشيء الفلاني . غسل الجمعة يجزي عن الوضوء أو لا يجزي ؟!

فقيه يرى أنه يجزي ، وفقيه آخر يرى أنه لا يجزي ، ولم يحدث بينهما أي مشكلة . هذا يلزمه أن يتوضأ مع اغتساله للجمعة ، وذاك الآخر الذي يرى أن الغسلَ يكفيه لا يجد نفسَه مضطرا لأن يجمع إلى الغسلِ الوضوءَ . وهذا لا يعيب هذا ، كما أن الآخر - أيضا - لا يعيب الأول .

وذلك أن هذين عالمان يختلفان اختلافاً مشروعاً ، واختلافاً محموداً ليس فيه أي مشكلة .

لكن إذا دخل الجهال ، والجهال تُطلَق على معنيين :

1 - الجاهل هو الذي يقحم نفسه في مسائل علمية لا يعرفها .

2 - والجاهل الذي لا يتأدب بالآداب الشرعية .

هذان إذا دخلا في المشكلة يحدثان للأمة أزماتٍ ؛ ما كان ينبغي لها أن تدخل فيها .

طبعاً ، الأمر لا يقف عند حدود أن يختلف هذا الطرف عند ذاك الطرف .

لا ، إذا اختلف هذا مع هذا ، وكانوا من مثل هذه الشريحة ؛ التي - للأسف الشديد - لم تتفقه ولم تتعلم العلوم المناسبة ، أو لا سمح الله لم تتأدب بالآداب المناسبة ، رأساً تخرج المنشورات واليافطات . قاطعوا فلانا ، لا تحترموا فلان !!

أي علم هذا الذي يدعوك إلى أن لا تحترم اختيارَه الذي اختاره ؟!

هو عبر عن اختياره بطريقة لم يجرح فيها أحداً ، لك أن تعبَّر عن رأيك بطريقة لا تجرح فيها أحداً . هو يرى أن الأمر غير مناسب ، وذكر أدلة ومبرراته . لك أن تذكر أن هذا أمرٌ غير مناسب ، أو غير صحيح ، دون أن تدخل في مسألة المقاطعة .

لأن هذا - للأسف الشديد - نوع من أنواع الإرهاب الفكري ! يؤسس لنا لمثل هؤلاء المتوحشين الذين ابتليت بهم هذه الأمة ، ولا يجدون طريقةً من طرائق التعبير عن اختلافهم مع الآخرين إلا بالكلام الجارح أولاً ، ثم بالأفعال العنفية ، والأفعال الإرهابية التي أصبحت وبالاً على هذه الأمة ، ووبالاً على هذا العالم .

 

 

 

4 - الجميع يطلب الحق أو يدعيه 

المنطلق الرابع : هو أن الجميعَ إما أنه يطلب الحق ، أو يدعي أنه محق .

لا يستطيع طرفٌ أن يحتكر . حينما يقول أنه محق ، الطرف الآخر يقول أنه محق ! فلا داعي أنك تعتقد أنك محقٌّ في ما تدعيه ، أن تسلب الآخرَ كلَّ حقوقه بزعم أنك محقٌّ !

عليك أن تنتبه أنه يبادلك المشاعرَ نفسها ! هو أيضاً يرى أنه محقٌّ ، وليس له أن يسلب هذا الحق .

فإذا لم نتعلم كيف يتعايش الناسُ في حالات الاختلاف ، سيكون مآل هذه المجتمعات ، ومآل هذه الأمة ، إلى أن يفني بعضُها بعضاً ! ولسنا في حِل من ذلك .

ليس في هؤلاء أحدٌ يملك الحقَّ مئة بالمئة ؛ كما لو كان معصوماً من عند الله عز وجل !

هذا أمرٌ - في عقيدتنا - محصورٌ في أهله .

من هم أهله ؟

هم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والأئمة المعصومون ، والسيدة الزهراء ( عليها أفضل الصلاة والسلام ) .

ما عدا هؤلاء ، المجتهد مجتهد ؛ يصيب ويخطئ . بقدر ما يعتقد أنه مصيب الآخرُ يعتقد أنه مصيبٌ . يُحتمل أن هذا مخطئ ، يحتمل أن ذاك مخطئ .

مجال النقاش العلمي لا بأس به .

شخص يختار هذا الرأي ، هذا من حقه ، وله أن يذكر أدلتَه العلميةَ ؛ حتى - أيضاً - لا نبتلي بما ابتلي [ غيرنا ] .

ونحن مدرسة تعلمنا كيف جُرِحنا ، كيف أوذينا ! ليس من اللائق أن نكرر الخطأ الذي وقع فيه خصومنا وأعداؤنا في حق بعضنا بعضاً .

نشوه سمعةَ الطرف الآخر لأننا نريد أن نبرر كيف نخاصم فلاناً بغير حق !

لا ، اذكر رأي غيرك بالإنصاف ، ثم ناقشه بالإنصاف . فإذا وصلتما إلى طريق مسدود يحترم رأيك وتحترم رأيه . وإلا ما الذي ستنتهي إليه حال هذه الأمة ؟

تُستهلك كل قوى هذه الأمة ، ويتربى عندنا جيلٌ - للأسف الشديد - يفقد الثقة في العلماء ، في المثقفين ، يصبح جيلاً متفلتاً ، لا يستطيع أحدٌ أن يوجه له نقداً ، لا يستطيع أن يوجه له أحدٌ توجيهاً . والسبب هو أن من كانوا قدوتهم وأسوة لهم لم يحسنوا التعامل في مسألة كان ينبغي أن يكونوا قدوة أخلاقية .

فالاختلاف ليس - دائماً - اختلافاً مذموماً .

هناك اختلاف محمود ، واختلاف موضوعي ، واختلاف منطقي .

الأمر الآخر الذي ذكرناه ، هو أن الجميع يطلب هذا الحق أو يدعيه . 

 

 

 

5 - تنظيم الاختلاف

المنطلق الخامس ، وأختم به الحديث ، هو : أن من الضروري ، بعد هذا التمهيد ، أن نسعى في تنظيم الاختلاف ؛ حتى نحوِّل ذلك إلى ثقافة .

لكي لا نحتاج أن نكرر نفسَ التوجيهات ، في كل مرة يحصل فيها خلاف ، أيها المؤمنون ، أيها المسلمون ، هذا من الموارد الاجتهادية ! يعني أنه في مظنة الاختلاف ، يعني أنه ليس من المستغرب أن يكون فيه أكثر من رأي ، وأكثر من اختيار ، وينبغي أن تُحترم هذه الآراء ؛ دون تجريح .

نعم ، من حقك - كما ذكرنا - أن تذكر وجهة نظرك ، ومبرراتها ، ومسوغاتها ، وفوائدها ، وثمارها . لكن حذار أن تحتكر الحق كما لو لم يكن يمثِّله إلا أنت !

ثم يأتي يقول : فقط أنا مع الإسلام ! فقط أنا مع الإيمان ! فقط أنا أحترم رسول الله وأهل البيت .

لا ، كل الناس ، كل المسلمين ، يفترض أن نتعامل معهم أنهم يحترمون الله ، يحترمون رسول الله وآل البيت .

لا داعي أن تحتكر ذلك ؛ لتؤسس - ما يقوله بعض المربين - أن الإنسان ؛ إذا أراد أن يغتاب . المؤمن لا يغتاب مؤمناً . فماذا يفعل الشيطان ؟

يدفع هذا الذي يريد أن يغتاب إلى أن يحفر حفرةً - لهذا الذي يريد أن يغتابه - يسلب منه الإيمان ، ثم يهجم عليه .

فإذا سئل : هذه غيبة !

قال هذا ساقط العدالة . هذا أصلاً حقوقه ليست محفوظة .

لا ، ينبغي أن نراعي هذه المسألة بالشكل المناسب .

وإلا سيحصل محاذير ، ومحظورات ، وأضرار ، يتصور بعضُ الناس أننا قادرون على أن نسيطر عليها ، ونتداركها !

لا ، مَن يطلق وحشاً قد يتصور أنه يستطيع السيطرةَ عليه ! لكن قد يفاجئه هذا الوحش اللاأخلاقي ، الوحش الاجتماعي ، الوحش السياسي ، أنه يفوق قدرته على أن يسيطر عليه .

وأضرب على ذلك مثالاً ؛ حتى أنهي به حديثي .

 

 

 

داعش التنظيم وليد ثقافة وبيئة

داعش ليس صنيعة مجموعة من الصبية ، مجموعة من الجهال ، أرادوا أن ينتصروا للإسلام !

لا ، داعش التنظيم هو وليد داعش الثقافة . داعش البيئة التي احتضنته . عشرات من السنين ، إن لم نقل مئات من السنين . هناك من يؤسس لمثل هذا الفعل ، ثم يقول نحتاج إلى عشرات من السنين ، لنجتثه .

وأقول لهم - بكل صراحة - : حتى عشرات السنين لا تستطيع أن تعالج مثل هذا التوحش ، إذا أردتم أن تقف عند حدود اجتثاث الثمرة . إذا لم تُجتث تلك الشجرة التي ولَّدت لنا مثل هذا التنظيم الخبيث ، والثقافة الخبيثة ، هذه الثقافة ستعبر عن نفسها بطريقةٍ اليومَ ، وستعبِّر بعد غدٍ بطريقةٍ أخرى ، كما عبَّرت - عبر التاريخ - بطرائق مختلفة .

ولذلك ، إذا رجعنا إلى دين الإسلام نجد أن اللهَ سبحانه وتعالى ذكر لنا نماذجَ عديدة ، النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عزَّز هذه الثقافة ؛ حتى نجتث منابعَ هذه الاختلافات ، لنتجه جميعاً بالعمل بتقوى الله سبحانه وتعالى ؛ عبر بناء المواقف على أساس المعايير ، وليس على أساس المزاجية والذاتية .

أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم .

اللهم صل على محمد وآل محمد .

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن ، صلواتك عليه وعلى آبائه ، في هذه الساعة ، وفي كل ساعة ، ولياًّ ، وحافظاً ، وقائداً ، وناصراً ، ودليلاً ، وعيناً ؛ حتى تسكنه أرضك طوعاً ، وتمتِّعه فيها طويلاً .

اللهم انصر الإسلام والمسلمين ، واخذل الكفار والمنافقين ، واشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وأغنِ فقراءنا ، وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا ، ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضي عنا يا كريم .

وصلى الله علي محمد وآله الطيبين

 

ليست هناك تعليقات: