الأحد، 3 أغسطس 2014

المثقف المازوشي

كل من له حضور في الشأن العام ويمارس دورا له تماس بمشاكل الجمهور ﻻبد أن يتعرض لردود أفعال غاضبة وقد ينال الإساءات ، خصوصا حين يشاغب أشياء لم يعتد الجمهور مساسها من قضايا دينية أو اجتماعية أو سياسية .
كل من يتصدى لإبداء رأي سواء من سياسي أو شيخ أو كاتب أو رياضي ..، ﻻبد أن يجد في المقابل أصواتا غاضبة ستمارس أساليب بذيئة في الإساءة لصاحب الرأي وهذه حالة معتادة ، لكن الحالة غير المعتادة أن بعض المثقفين في مواقع التواصل الإجتماعي حولوا هذه الحالة إلى مادة متاجرة .
بدأت أﻻحظ أن بعض كتابنا يفرح بشتيمة تأتي من هنا وهناك ليصورها وينشرها ليقدم نفسه أنه (المسيح ) الذي يتعذب ﻷجلنا ، أنه المظلوم الوحيد ، أنه النبي الذي ظلمه قومه ، لكنها كما أراها (المازوشيه ) التي نظر لها علماء النفس على أنها شعور اللذة بالألم والعذاب، هذا الشعور كان في سياق الشذوذ الجنسي في بداية النظرية ، لكن ظهر أن مفهوم المازوشيه يتجاوز الجنس لمجاﻻت الحياة العامة . 
مايمارسه هؤﻻء الكتاب إيهام الذات أنه الوحيد الذي يتعرض للمضايقة والإساءة ولسان الحال (لحقوني أنا مظلوم ) !!
وتصوير أن المجتمع كله في سلة واحدة لمواجهته وكل المجتمع يعيش إقصائية وتطرف ، طبعا ﻻننفي أن في مجتمعنا شخوص وتيارات متطرفة لاتحتمل الرأي المخالف وتجيز في أدبياتها (الوقيعة ) في صاحب الرأي المختلف وجواز شتمه وغيبته ، لكن ليس كل المجتمع هكذا !!
طبعا ممارسة رفع قميص المظلومية الفكرية في مجتمعنا السعودي الذي يعيش حالة حراك فكري وتنوع ومحاولة مراجعة تراث الحركات الدينية ، تعطي كل من يقدم ذاته أنه مظلوم من مجتمعه فرصة الظهور بوصفه فرد يمارس دورا تنويريا .
أتذكر أن عبدالله الغذامي في كتابه (حكاية الحداثة في المملكة ) وضع في آخر الكتاب صور الشتائم التي نالها في السبعينات أو الثمانينات بسبب أفكاره ، كنت حينها أقول في نفسي : مسكين عانى هذا المناضل !!
بعد أن كبرت علمت أن هذه حركة تسويقية من أجل أن يقول أنا أبو الحداثة قي البلد وأنا من قاتل من أجلها !!
أقول في نهاية المقال ياصديقي (لست وحدك ) الذي تتعرض للإساءة من قبل بعض الجمهور ، كثيرون يناضلون بأرائهم في صمت وﻻيتاجرون وﻻيصورون ، أنتم تذكروني بدعاية (الحقني ياحليب السعودية ) ،وتذكرني بالطالب الممل في الصف الذي ﻻيبرح الشكوى (أستاذ يطقوني ) ، استدرار عاطفة الجمهور بمظلوميتك سلوك النوائح ، كن شجاعا وقدم فكرتك بﻻ استفزاز أو سخرية بمقدس وبحجج منطقية ، وثق أنك كما ستجد الدواعش المتأزمين ، ستجد قطاعات ﻻتتخيلها وأشخاص ﻻتتوقعهم سيؤمنون بك !!
وﻻينبئك مثل خبير ...

ليست هناك تعليقات: