الأربعاء، 9 يوليو 2014

حكومات الخليج .. في عالم متغير..!!

أين موقع المواطن الخليجي من تحديد سياسة الدولة ؟.
هل الشعب الخليحي الطيب مهمش ومغيب ومحروم من حق المواطنة الكاملة والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية؟.

دول الخليج تمر بمرحلة مصيرية بسبب التغيرات السياسية التي تحدث في العالم والمنطقة وحراك الشعوب، وظهور الجماعات المسلحة التكفيرية مثل (داعش واخواتها) التي تهدد دول وشعوب المنطقة كالخليج، فالدول الخليجية تقف على عتبات مستقبل مجهول لا يخلو من المخاطر في ظل سياسة الأنظمة الحاكمة العائلية المصرة على إستخدام أساليب سياسية عفى عليها الدهر لا تتناسب مع طبيعة الدولة الحديثة - دولة المواطنة والمؤسسات والقانون القائم على دستور يمثل إرادة الشعب-، ولا تتلأم مع ما يحدث في العالم من صراع وتحديات سياسية كبيرة. 
جماعة داعش وأخواتها امتداد لجماعة القاعدة، ووجدت كل الدعم والتأييد من قبل بعض السلطات في دول الخليج عند بداية ظهورها في سوريا ضد السلطة السورية، وعندما قامت داعش بالسيطرة على المحافظات الغربية في العراق احتفل الاعلام الخليجي بانه ثورة للعشائر السنية ضد حكومة بغداد، رغم الجرائم الدموية التي قامت بها داعش، ولكن عندما هددت داعش دول الخليج مباشرة انقلبت هذه الدول ضد داعش.

وما يحدث حاليا بين أنظمة الخليج من خلافات وسحب للسفراء (السعودية والإمارات والبحرين) من دولة خليجية وهي قطر، وما رافق ذلك من هجوم وتسقيط واساءات وحشر الشعوب في تلك اللعبة السياسية...، يظهر حقيقة الفكر السياسي لتلك الأنظمة البعيد عن الحكمة والحنكة في إدارة الأزمات والخلافات والبحث عن مصالح شعوبها. الشعوب مدهوشة مما يحدث رغم معرفتها بحقيقة هذه الأنظمة ولكنها لم تتوقع حدوثه بهذه الطريقة الغريبة والعجيبة، والأكثر غرابة ان القرارات أتخذت بأسم الشعب الخليجي ولمصلحته كما جاء في البيان الصادر عن الدول التي قررت سحب سفرائها، والواقع ان الشعب الخليجي هو الغائب والمهمش في عملية إتخاذ هذه القرارات وغيرها كالعادة، بل ما حدث على العكس فهو تكريس حالة التفرد بالقرارات من قبل العائلة الحاكمة فقط!.
هذا الخلاف أبرز مدى حالة الإحتقان بل الصراع المتأزم بين الأنظمة الحاكمة والاختلاف والخلاف في السياسة، ومحاولة الدولة الكبرى في المجلس لفرض اجندتها وعلى الجميع الخضوع للكبير، وعلى الصغير الرضوخ والطاعة العمياء للكبير، ولا يكفي الإعتذار والاحترام للكبير وانما المطلوب الإنبطاح الكامل وتسليم كل الملفات للكبير في مجلس كشف عن وجهه الحقيقي بأنه عكس أسمه التعاون!!.

دول الخليج في أرقام
6 دول تشكل مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 25 مايو 1981، ومساحته نحو 2,673,123 كم، وعدد سكانه 44,829,043، والناتج القومي نحو 1.60 ترليون دولار، تعتمد دوله على انتاج النفط، إذ تمتلك 30% من إحتياط النفط في العالم، وتنتج 21 مليون برميل نفط في اليوم، أي ما يعادل ربع إنتاج العالم الذي يبلغ 86 مليون برميل في اليوم – وبحسب إحصائية 2011م انتجت دول الخليج نحو 6 مليار برميل من النفط في ذلك العام، الحصة الأكبر من نصيب السعودية بلغ إنتاجها حوالي 3٫4 مليار برميل. ومؤخرا أعلنت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم عن ميزانيتها لعام 2014 إذ تبلغ 228 مليار دولار. انها أرقام مأهولة وفلكية.

ولكن ما نصيب المواطن من هذه الأرقام؟.

نصيب المواطن الإستماع للأرقام، ومنها أرقام تبرعات الحكومة للدول الأخرى!!. وقد أعترف وزير المالية السعودي د. إبراهيم العساف في مقابلة مع التلفزيون الرسمي بعد الاعلان عن الميزانية 2014 في شهر ديسمبر بأن المواطن السعودي لم يشعر لغاية الأن بالفائدة ونصيبه من الميزانية!!.

وأين المواطن الخليجي من تحديد سياسة الدولة واتخاذ القرارات؟.

لاشيء - انه لا يهش ولا ينش – والغريب ان الأنظمة الخليجية تتكلم بصوت الشعب الطيب المغيب، والأكثر غرابة ان بعض الشعب المحروم من حق المواطنة الكاملة والمشاركة والتعبير عن رأيه يصدق ما تصرح به الأنظمة ويدافع عن سياستها ويصفها بالحكيمة!.

أنظمة غير في عالم متغير
الدول الخليجية هي الدول الوحيدة في عالم اليوم تُحكم من خلال عوائل تتحكم بالبلاد والعباد - الأرض وما عليها وما فيها-، والحاكم بيده كافة السلطات، وله مطلق الحرية للتصرف بالثروة الوطنية، وبعض الأنظمة ما زالت ترفض التحول إلى نظام حكم يمثل أكثرية الشعب - نظام دستوري جمهوري أو ملكي دستوري أو غيره -، وترفض تداول السلطة والتنازل عن مقعد رئيس الحكومة والوزارات السيادية لغير أفرد العائلة الحاكمة، وأغلب حكومات هذه الدول ما زالت مصرة على منع إجراء الانتخابات الحقيقة لأختيار ممثلين للشعب في مجلس النواب أو الشورى بشكل مباشر، بدون تعيين من قبل الحاكم، واعطائه الصلاحيات التشريعية الكاملة والمراقبة والمحاسبة.

من الأمور المثيرة عند بعض سلطات الخليج إنها تتعامل بفكر القبيلة والعشيرة بالحد الضيق، حتى فيما بينها في مجلس التعاون، وفي أزمة سحب السفراء من قطر مارس 2014م. أتضح ذلك من خلال التعامل مع الدولة الصغيرة قطر التي تريد أن تكون لها سياستها الخاصة بما يتناسب مع مصالحها القومية، على أساس انها دولة لها سيادتها الكاملة، وان لها صوت ورأي مثل حق الكبير في المجلس، .. في نهاية الأمر لا قانون ولا بنود ولا دبلوماسية في التعاطي مع الخلاف..، بل المطلوب ان يرضخ الجميع للكبير قانون العشيرة، وعبر استخدام طبول الحرب!!.

كما ان الحاكم في دول الخليج هو بمثابة شيخ العشيرة كل شيء له ولعائلته، يقرر ويأمر وينفذ طلبه بالحال، ولا رأي إلا رأيه، وكأن البلاد والعباد ملك خاص له، بل وصل الأمر في بعض الدول تسمية (..) والمدن والمطارات والجامعات والمستشفيات والحدائق والطرق... بأسم العائلة وافرادها، والأكثر غرابة، إن الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من قيادة السيارات هي كبيرة هذه الدول (السعودية)!!.

الأنظمة والشذوذ السياسي
أنظمة الخليج مشكلتها في سيساساتيها الشاذة التي لا تتناسب مع طبيعة الدولة في التاريخ الحديث، وتخالف ما تدعيه بتطبيق القانون والأنظمة والعدالة حسب الشريعة الاسلامية، - والحقيقة ان الشريعة تحولت الى لعبة بيد النظام – سياسة لا تتناسب ما تملكه من قوة وسيطرتها على 30% من صناعة الطاقة في العالم، حيث انها فشلت من منع انتشار الفقر والبطالة والعوز بين المواطنين وافتقاد الوطن للبنية التحتية - فسياسة بعض الدول فشلت في إستقرار دولها وشعوبها والمنطقة والعالم بل على العكس شعوبها في حالة تمرد وغضب وإحتقان، وساهمت في نشر الفكر المتشدد القائم على الكراهية.. مما يهدد العالم، كما إن سياستها الشاذة لا تساهم في بناء دولة المواطنة والمؤسسات حسب رغبة الشعب، وإنما تكرس دولة العائلة الحاكمة التي تفكر بمصلحتها وبقائها على كرسي الحكم إلى الأبد فقط، أي لا تهتم ولا تعتني بشؤون مصلحة الوطن والمواطنين، ولا تملك القدرة العسكرية للدفاع عن نفسها وحماية المواطنين، ولا تثق بالشعب وتسليحه بالعلم والمعرفة (كما يفعل بعض الانظمة "البحرين" من جلب قوات عسكرية من دول العالم لمواجهة شعبه الأصيل الرافض للاستبداد والظلم).

ورغم الثروة الطائلة إلا إن بعض الأنظمة الخليجية فشلت في الإستفادة منها لبناء دول حضارية لصالح الوطن والمواطنين، بل هي تصرف الثروات الوطنية على مزاجها وحسب المحسوبيات وعلى غير المواطنين وبأسم تقديم العون ومساعدة الآخرين، وعلى التدخل في شؤون الدول الأخرى للدفاع عن حقوق مواطني تلك الدول، وتقوم ببناء مدن ذات بنية تحتية متكاملة في الدول الاخرى كمساعدات، بينما بعض الأنظمة تبني السجون بحجم المدن في داخل الوطن تكلفة السجن الواحد 1.3 مليار ريال فقط كما نقلت جريدة الوطن السعودية في 31/12/2013. (لسجن أكبر عدد من المواطنين)، وبناء أكثر من 20 ملاعب كرة قدم بإشراف شركة أرامكو، وتشيد المدن وميادين سباق الخيل والإبل بمواصفات حضارية..، بينما الشعب ليس له سوى الإستماع لأرقام الميزانية السنوية الهائلة، والعيش تحت خط الفقر، والأغلبية لا يملكون مساكن أي نحو 80 بالمئة كما جاء في جريدة الحياة 18/مايو/ 2013م. والمدن تفتقر للبنية التحتية، شعب محروم من حقوقه الوطنية: العدالة والحرية والثروة وأختيار النظام وامتلاك منزل!!.

من المسؤل عن تلك السياسات الشاذة والظواهر والصراع السياسي فيما بين الأنظمة التي لا تشييد وطنا قويا متماسكا، مما يهدد المواطنين والمنطقة؟

ليست هناك تعليقات: