الأحد، 22 يونيو 2014

الشيخ عبد الله النمر: لا نتوقع خروج الإمام (عج) لمجرد النصر الدنيوي


قال الشيخ عبد الله النمر أن فلسفة الإنتظار هي أن تعيش الفرج على مستوى القيم والمفاهيم والمبادئ، ويترتب على هذا تمتين المعايير القيمية ذات الصلة بالتسامح وحب الخير للجميع من جهة، و من جهة أخرى جلاء ووضوح الأشخاص الذين يسيرون ضمن طريق الدين ولا ينصبون أنفسهم في مقابله.

وابتدأ سماحته الخطبة تاليا الآية الكريمة ( كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)

وأضاف: إنّ الابتلاء سنة عامة تقع على جميع بني البشر، والغرض من الابتلاءهو ما تحكي عنه الآية الكريمة: ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب).

وفي سياق حديثه عن الغرض من الابتلاء أوضح سماحته أن الابتلاء عام على ميع بني البشر، واستشهد أثناء توضيحه الغرض من الابتلاء بعدد من الروايات، منها ما روي عن الإمام الصادق (ع): " ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشيئة وقضاء وابتلاء". وفي الرواية " في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال". 


وأوضح سماحته أنّ الابتلاء العام عند بني البشر يعني الفصل والتمييز بين الأشياء المتفاوتة والمختلفة، ولكن الابتلاء الإلهي له غرض آخر مختلف، وليس غرضه مجرد كشف الواقع، ولكنّ غرضه هو التكامل وتفعيل ما في الإنسان من خير وصلاح، وليس مجرد الفصل.


• آثار الانتظار


روى عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أيما أفضل العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام منكم الظاهر؟
فقال (ع): يا عمّار، الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية. وكذلك والله عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوّفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله عزّ ذكره في ظهور الحقّ.
قلت: جعلت فداك فما نرى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً.


فقال: سبحان الله أما تحبّون أن يظهر الله تعالى الحقّ والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله قلوبا مختلفة، ولا يعصون الله عزّ وجلّ في أرضه، وتقام حدوده في خلقه ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر حتى لا يخفى شيء من الحق مخافة أحد من الخلق".


إن الإمام وطّأ الحديث بقاعدة مسلمة للجميع وهي أن الصدقة في السرّ أفضل من صدقة العلن، وهذا يفهمه الجميع، وأكّده الإمام (ع) بالقسم على أنّ العبادة بمعناها العام في السرّ والتمسّك بالدين في عصر الغيبة أكثر أجراً وثوابا من العبادة في عصر الظهور.


وفلسفة ذلك أنّ أنه كما أنّ الصدقة في السرّ أكثر انعكاسا على تكامل الإنسان، كذلك يكون المتمسك بالدين في عصر الغيبة أكثر أثرا في بناء الإنسان وتكامله.


ولكن هذا يترتب عليه ما خطر في ذهن الراوي " عمار": لماذا إذا ندعوا بتعجيل الفرج إذا كان حالنا الآن أفضل؟! فيجيب الإمام بأنّ ظهوره (عج) له آثار أخرى على تكامل الإنسان بشكل عام، منها إظهار الحقّ والعدل ومنها إنقاذ عموم المؤمنين وجذب الناس إلى الدين.


نحن لا نتوقع خروج الإمام لمجرد النصر الدنيوي، ومن هنا تأتي رواية أبو بصير، قال أبو بصير: قلت لأبي عبد الله (ع): جعلت فداك متى الفرج؟ فقال (ع): يا أبا بصير وأنت ممن يريد النيا؟
من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره".

• فلسفة الانتظار

فلسفة الإنتظار هي أن تعيش الفرج على مستوى القيم والمفاهيم والمبادئ، ويترتب على هذا أمران: 
1- انتظار الفرج يعطينا المعايير القيمية، الذي لا ينتظر الفرج هذا يعني أنه ليس لديه مبادئ يسير عليها، وهذا يتجلى في الحالة الإسلامية العامة التي انتهى بها الحال إلى التشدد والتطرف، وذلك أن انتظار الفرج يتضمن مجموعة من القيم ومن أهمها الدعوة إلى نجاة البشرية، الدعوة إلى الوحدة وتأليف الكلمة وتآلف القلوب، والدعوة إلى الإنصاف والعدل.

2- المعيار الشخصي: فلا يأتي أي شخص ليدعي أنه الخليفة والزعيم وأنه معيار الحق والفضيلة، هناك أشخاص معينون، علماء ومراجع، بقدر ارتباطهم بشخص الإمام فهم وكلاء عن الحجة، يتمثلون قيمة ويسيرون على نهجه ويدورون في دائرته، والإمام (عج) هو طريقهم إلى الله، وليس ايّ شخص يمكنه أن ينصب نفسه على أنه الطريق إلى الله تعالى، وأنه في عرض رسول الله (ص) فيشرع كما يشرع الرسول، بخلاف الإمام الذي حتى إن جدد فهو في طول رسول الله (ص) وامتداد له وليس في عرضه ومواز له.

ليست هناك تعليقات: