محوران رئيسان يؤصل لهما هذا النص النبوي الشريف ، لعل إعادة قراءتهما يفتح لنا أفقا أرحباً في التعاطي مع شخصية امير المؤمنين ع .
يرتبط المحور الأول بنسق النص الديني الذي يقرن اسم رسول الله (ص) بإسم أمير المؤمنين (ع) في غير موضع مثل :
ـ أنت مني بمنزلة هارون من موسى ـ من كنت مولاه فعلي مولاه
ـ أنا مدينة العلم و علي بابها ـ أنفسنا و أنفسكم
عندما نؤصل لهذه المتلازمة بين محمد و علي .. من غير الراجح أن نستدرج للدخول في أي مفاضلة بين علي و الآخرين لنثبت أحقيته في خلافة أو أفضليته في منزلة .. لأنها معادلة إعلامية غير عادلة تصب في كفة هؤلاء الآخرين بوضعهم ـ من حيث لا نشعر ـ في خانة المقايسة مع أمير المؤمنين ع ، و هو ما صرح به امير المؤمنين نفسه حين قال متألماً : ( أنزلني الدهر ثم أنزلني .. حتى قيل علي و معاوية)!!
فقط ما نحتاجه هو أن ننفض غبار الزمن الرديء عن تراث هذا الرجل و فكره ليرى العالم عليا المعجزة التي تجسدت في صورة إنسان.
المحور الآخر المتضن ( أبوا هذه الأمة ) .. و هو ما يفرض علينا أن نستوعب أُمَمِيّة هذا الرجل التي لا تضيق بمذهب أو طائفة .. بل تتسع لفصيل المجتمع الإنساني بنفس الدلالة التي بعثت محمدا رحمة للعالمين ، و هو ما نادى به استاذ الفلسفة في جامعة السوربن( هنري كوربن 1903-1979م) و الذي تبنى نظرية استمرار الإتصال بين الأرض و السماء من خلال إمامة علي الجامعة و أبنائه من بعده.
نخطيء من حيث نعتقد أننا أصبنا حين نجعل من شخصية أمير المؤمنين ع رقماً في معادلة طائفية نستدرج لها .. إنه قيمة مطلقة .. أكبر بكثير من شعارات و أهازيج نرددها في قنواتنا و محافلنا ..
نحتاج أن نهدأ قليلا ـ في هذا العالم الصاخب المفتوح على مصراعيه ـ
لم يعط عليا أقرب أصحابه في حياته صكاً لدخول الجنة .. بل مبدأً استحقوه عن جدارة.
حين نعتقد أن شخص علي لا يزال حياً يقيم بيننا .. يجب أن نعتقد أيضاً أن الحديد التي اكتوى عقيل بنارها .. لا يزال لظاها مشتعلا حتى اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق