الاثنين، 14 أبريل 2014

الأرض ثروة الثروات.. كيف نديرها؟!

الأرض هي الثروة الأكبر، إذ تمثل بين نصف وثلاثة أرباع ثروة البلدان، وإن كان هناك من يظن أن ثروتنا الوطنية هي النفط، فعليه ألا يستهين أبداً بضخامة قيمة مقدرات البلاد من أراض وتأثيرها على جميع الأنشطة الإنسانية بما فيها الاجتماعية والاقتصادية. وبالتأكيد فقيمة الأرض تتجاوز الأرقام، فهي الحاضن للوطن ولأهله. وفي بلادنا، تضم أرضنا أقدس البقاع. وهكذا، فليس يسيراً تقدير قيمة مواردنا من الأرض بثمن.
والأمر الذي استجد مؤخراً، وله علاقة وثيقة بالأرض عليها، هو نظام الرهن العقاري؛ فقد جعلنا وجهاً لوجه مع ممارسات تقنن استخراج قيمة مالية سائلة للأصل (الأرض وما عليها). وبالطبع فالنظام الجديد لم يخترع فكرة الرهن العقاري، فهي متأصلة ومستخدمة لقرون، لكنه وضع لها أحكاماً محددة وإجراءات مقننة، يتم تنفيذها من خلال تنسيق تام مع المحاكم السعودية بما يمكن من تنفيذ الرهن وما يترتب عليه من حقوق والتزامات دونما تأخير، بما في ذلك التعامل مع حالات الرهن الجزئي أو أن يكون حق لأكثر من جهة في العين المرهونة، أو أن يقوم أحد المرتهنين بالتنازل عن كل أو جزء من قيمة الرهن التي له. وهذه المعاملات لا تحتمل طول أخذ ورد في ردهات المحاكم بل تتطلب التنفيذ المعجل حرصاً على انتقال الحقوق واحقاقها بسلاسة إجرائية تامة. كل هذا، كما هو واضح، يتطلب نظاماً عالي الكفاءة لإدارة الأراضي وإنجاز إجراءاتها. ومن المهم إدراك أن الأمر لا يقف عند رهن المساكن لصالح الممولين، بل هو أوسع ليشمل أي رهن لأي أصل وما يترتب على الأصل من حقوق للمرتهنين، وهذا يشمل الأراضي وما عليها من عقارات باستخداماتها المتنوعة من سكن أو مزارع أو مصانع وسواها.

ولابد أن تمتلك إدارة الأراضي (أو هيئة الأراضي) دوراً مركزياً لحصر الأراضي كافة، والتقيدات ذات الصلة والاستخدامات سواء أكانت عامة بما في ذلك المحميات والمتنزهات العامة، أو موثقة عرفاً باعتبارها أماكن للرعي، أو تتناقلها الأجيال باعتبارها وقفا. ويمكن تحديد المقصود من عبارة «هيئة الأراضي» وظيفياً؛ الشق الأول إجرائي من حيث تحديد وتوثيق وإتاحة البيانات عن موقع الأرض وقيمتها واستخدامها وما عليها من التزامات ترتبط بالملكية أو الرهن وتفاصيل أخرى عديدة، والشق الثاني جوهري يتعلق بإدارة الأراضي بكفاءة باعتبارها مصدرا أساسا للتنمية المستدامة (اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً) للأجيال الحالية والقادمة. وهكذا، نجد أن وظيفة «إدارة الأراضي» تشتمل على وظائف محورها الحقوق التي على الأرض واستخدام الأرض وتطويرها، هذا من حيث القيود والبيانات، لكن وظائف «إدارة الأراضي» ترتكز إلى معطيات أشمل تنبع من سياسة ونظام الأراضي ونظام معلومات الأراضي. نظام معلومات الأراضي المقصود هنا أشمل مما اعتدنا التعامل معه فوظائفه تطال: إدارة الأراضي العامة، قيد الأراضي خاصة الملكية، قيد البيانات المالية ذات الصلة بالأرض تاريخيا والقائمة حالياً، وأية تقيدات تتصل باستخدام الأرض.
وما موجب إعادة هيكلة الجهات المعنية بالأراضي عندنا في كيان جديد (هيئة الأراضي)؟ أسباب عديدة لعل أهمها قضية الاستدامة، فمثلاً مررنا بتجربة خلال العقود الثلاثة الماضية حتى انتهينا بأن الوزارات المعنية بمرتكزات التنمية مثل التعليم والصحة والإسكان تعاني من «ندرة» الأراضي، لدرجة أن المشاريع ترصد في الميزانيات وقد تنتظر حتى تتاح الأرض الملائمة! والقضية الثانية أن يكون لدينا سوق عقارية كفؤة وشفافة، ولا يمكن تجاوز أن هيئة الأراضي المقترحة ستبني على ما هو قائم رغبة في تطويره والاستفادة من التطور التقني وخصوصاً في مجال تقنية المعلومات وتحديداً في إدارة البيانات ونظم المعلومات الجغرافية، والتي تخدم كل حلقات سلسلة قيمة تطوير الأراضي سواء من جانب الحكومة أو جانب الوسطاء ومقدمي الخدمات أو السوق (البائعين والمشترين).

ليست هناك تعليقات: