قرأتُ مقال عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور قيس بن محمد المبارك ( آل شيخ مبارك ) بجريدة ( اليوم ) عدد 15143 الأحد 8-2-1436 هجرية ، و عنوان المقال ( المذاهب الفقهية عامل ثراء ونماء ) مستل من عنوان أكبر ( لمحات من التآلف و التوادًّ عند علماء الأحساء ) ، و الشيخ المبارك يخص علماء الأحساء بمداده باعتبارها مسقط رأسه ، و بمجرد قرائتي عنوان المقال تبادر بظني أن الشيخ - حفظه الله - قطعاً سيكون حديثه عن التآلف و التوادًّ بين جميع أطياف المجتمع الأحسائي قاطبة سيما أننا لا زلنا نعيش تداعيات فاجعة شهداء الدالوة الأليمة . و حقيقةً الذي خفف من وقع المصاب ( التآلف و التوادًّ ) من أخوتنا من جميع أرجاء وطننا الغالي ، لكن عند قرائتي تبين أن الشيخ المبارك لم يأتِ بما ظننته ، و خاب ظني و أملي للاعتبارات التالية :
1- مكانة أسرة آل شيخ مبارك
أسرة آل شيخ مبارك من الأسر العلمية التي لها مكانتها في الأحساء ، و الخليج العربي بالذات بالإمارات العربية المتحدة . و نكن لها كل تقدير و احترام ، و الجدير ذكره اختياري للشيخ السفير أحمد بن علي آل شيخ مبارك كمحور بحث متطلب من قبل الدكتور خليل الخليل عضو مجلس الشورى بتحليل كتابه ( رحلة الأمل و الألم ) و الوقوف على جوانب شخصيته عبر ما سطره من سيرته . هذه مشاعرنا تجاه هذه الأسرة الكريمة ، و من ذلك عندما عندما استضاف رجل الأعمال مهدي الغدير - رحمة الله عليه - المذيع الذائع الصيت وقتذاك فوزي الخميس بتلفزيون قطر استطلاعية عن الاحساء و عمل مقابلة مطولة مع مهدي في الثمانينات كونه من دعائم الاقتصاد الوطني ، رشح الغدير أسرة آل شيخ مبارك لإجراء مقابلة مع رجالاتهم ، و قد نشر أحد أبناء أسرة أل شيخ مبارك في ( اليوتيوب ) الاستطلاع بعد حذف مقابلة مهدي الغدير .
2- التآلف و التوادًّ عند الأحسائين
استهل آل شيخ مبارك مقاله : ( من عميم نعمة الله على الأَحساء أن جعلها بيتاً لأرباب المذاهب الأربعة، فكان بها كثير من العلماء الذين لم يكونوا حَفَظةً للمسائل، بل فيهم من أكابر العلماء الذين شأنهم استنباط دقائق الشرع وتقرير عِلل المذهب وتمهيد أصول الفتيا، بأئمَّةٍ صارت بهم الأحساءُ قِبلةً لطلاب العلم من سائر البلاد... ) . و الملاحظ أن الشيخ تجاهل وجود مذهب ( الأمامية الجعفرية ) ، و بالذات كونه ذكر في مقاله : ( ولم يكن حال الأحساء بِدْعاً من الأمر، ولكنها كانت تُمثِّل أنموذجاً رائعا من الوفاق والوئام والتحابِّ والإخاء بين أصحاب الاجتهادات الفقهية المختلفة ... ) . فلو لم يغفل ذكر ( الأمامية الجعفرية ) بمقاله لكان أكثر قوة في إظهار ما يود إظهاره من ( التآلف و التوادًّ ) و هذا هو الواقع و أروقة مجلس آل شيخ مبارك تشهد على الصلة التي يكنها مشائخ ( الأمامية الجعفرية ) لأسرته في أفراحهم و اتراحهم .
3- ليس من حق أحد الإقصاء
عندما صدر كتاب الشيخ السفير أحمد بن علي آل شيخ مبارك ( رحلة الأمل و الألم ) ، و كتاب ( الشيخ أحمد بن علي آل شيخ مبارك .. رائد الأدب الحديث .. حياته و أدبه ) للأستاذ عبدالله بن عيسى الذرمان . حيث أريد من ذلك تأسيس أثر أسرة آل شيخ مبارك على الاحساء و ثقافتها و إضفاء الكثير من الصفات العلمية و الأدبية دون الاكتراث للمخزون الثقافي للمنطقة هذا التجاهل للغير ألهب عبدالله بن أحمد آل ملحم بإصدار كتاب ( شيخ أدباء الأحساء بين الفرض و الرفض .. قراءة نقدية في واقع الألقاب الأدبية ) و متعمداً تعريف أسرته ( آل ملحم ) على غرار ( آل شيخ مبارك ) في إشارة ذكية ، و من الأمور التي رفضها ( آل ملحم ) الألقاب و الإنجازات التي ألحقت بالشيخ أحمد آل شيخ مبارك مثل :
١- عميد الصحافة الأحسائية .
٢- عميد الأدب الأحسائي .
٣- أول سعودي يتحدث عن الحياة الأدبية .
٤- أول من كتب عن ابن المقرب العيوني .
٥- شيخ أدباء الاحساء .
٦- رائد الأدب الأحسائي الحديث .
هذه الألقاب استشعر منها ( آل ملحم ) تهميش لبقية الأسر بالمنطقة في العطاء الثقافي لهذا انبرى بالرد بتأليف كتابه المطبوع .
4- المبادرات الإسلامية الإنسانية
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - أطلق مبادراته كالحوار بين الأديان السماوية و الحوار بين المذاهب الإسلامية ، و كلها ضمانة للأمن الوطني و نبذ التمايز بجميع أنواعه الطائفي و القبلي و المناطقي و غيرها ، و لهذا ما بينه صاحب السمو الملكي وزير الداخلية من حسينية المصطفى بالدالوة في الأحساء و بيان هيئة كبار العلماء و كذا ما أعلنه مفتي المملكة بشأن فاجعة شهداء الدالوة يدخل في هذا المضمار ، و كذلك تعيين الشيخ الدكتور قيس بن محمد آل شيخ مبارك في هيئة كبار العلماء بناء على هذه المبادرات . و عليه ينبغي أن تكون كتابات و تصريحات و أنظمة كل المسؤولين تنصب فيما رسمته القيادة الرشيدة .
5- مدرسة { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى }
القرآن الكريم مدرستنا الخالدة ففيه تبيان كل شيء . ما يخصنا في طرحنا عندما سأل الله تعالى : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى } فأجابه : {. قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى }
نستفيد من الحوار الإلهي أن نبي الله موسى - عليه السلام - بمعرفته بعلم الله تعالى ذكر فوائد ( عَصايَ ) من باب إحقاق الحق و الإقرار بالفضل و المعرفة و عدم الإنكار و لم يكتفِ بذلك بل أضاف { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى } إمعاناً بعدم تهميش الفوائد الأخرى . و هذا الدرس نستفيد منه في أدبياتنا بعدم تهميش الأخرين ، فعلى سبيل المثال ما سطره الشيخ الدكتور قيس آل شيخ مبارك في مقاله : ( من عميم نعمة الله على الأَحساء أن جعلها بيتاً لأرباب المذاهب الأربعة ... ) بإمكانه اضافة : ( ... أن جعلها بيتاً لأرباب المذاهب الأربعة و الأمامية ) .
الفكرة :
الاستحواذ على ألقاب و إنجازات أدبية أعتبرها عبدالله بن أحمد آل ملحم ( الملحم ) في كتابه ( شيخ أدباء الأحساء بين الفرض و الرفض ) تهميشاً لبقية الأحسائين يستحق الرد عليها بكتابه ، فما بالك بتهميش طائفة بكاملها في المعادلة الوطنية في ( الوفاق والوئام والتحابِّ والإخاء ... ) لا شك يستحق الرد و أقلها هذه السطور المتواضعة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق