نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على الرسول الخاتم الامين وآله الغر الميامين .
ببالغ الحزن والأسى نتقدم بأحر التعازي إلى أهالي الأحساء الحبيبة جميعاً ، وإلى أهالي الدالوة الأعزاء ، وإلى الغيارى والأحرار قاطبة ، برحيل كوكبة من أبناء الأحساء الأبرار ، الذين كتب الله تعالى لهم الشهادة في مأتم أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) ، ضمن إحياء الذكرى السنوية لواقعة الطف الخالدة ، والتي ستبقى مشعلاً يقتبس منها المؤمنون والأحرار في كل زمان ومكان .
ويجدر بنا ونحن بين يدي هذا الحدث النوعي والمأساوي أن نستخرج منه العبر وأن نقف على مواطن الإعتبار وأن نجتهد في تحديد الداء وتعيين الدواء ، ولنا في هذا الصدد إلماحٌ إلى النقاط التالية :
1) اننا أمام سلوك إجرامي بغيض ، يُمَثّل تجاوزاً على حمى مواطنين مسلمين آمنين في بلدهم ، بلغ حد الترويع وإزهاق الأنفس المحترمة ، وتعدياً صارخاً على مشاعرهم الدينية ، في مرحلة يمثل فيها هذا السلوك ـ مع ملاحظة التأجيج المبرمج للسعار الطائفي ـ محاولةً دنيئة لإثارة عصبيات طائفية عمياء ، يصعب الإمساك بزمامها وكفكفة هياجها ، فيما لو نجح المفتنون لاقدر الله ، وهو عز اسمه المسؤول أن يردهم بغيظهم .
2) يقتضي الإنصاف أن نسجل لكثير من الفئات من إخواننا السنة في بلادنا أنهم يتحلون بمنسوب طيب من الوعي ودرجة محمودة من الرشد ، بمقتضى طبيعة ردود الأفعال التي سجلت وشوهدت ، وهو الأمر الذي يمثل دعامة طيبة للحمة الإجتماعية من ناحية ، وحمايةً لسمعة إخواننا من غائلة أفعال أولئك المنبوذين ، ولتعرية الحجم الحقيقي لأولئك الشذاذ في مجتمعاتهم .
3) ان الحكمة تفرض أن يتم التعاطي ، على مستوى التصدي لهذا الحدث الخطير ، مع جذور المرض ، لا مع العرض ، وهو الأمر الذي يفرض أن يُعَاد النظر في أصل الخطاب الذي يُرسخ في عقل المُتَلقي صورة نَمَطيّة مُنَفّرة لطوائف مُحتَرَمَة في هذه البلاد ، عُرفَت عبر تاريخها بحسن الجوار وكرم المعشر .
إنّ من شأن ذلك الخطاب ، والمداومة عليه ، وتهيئة النفوس للتصديق به من خلال أجواء القطيعة والمباعدة ، وتسرية ذلك الخطاب إلى المواد التعبوية من (خطب) و (تسجيلات) و (كتب) .. إلخ ، إن من شأن ذلك أن يخلُق إطاراً فكرياً للتكفير والقطيعة واستباحة الحرمات المُغلّظة ، وهي أمور يجب الوقوف منها موقف التحذير والتعاطي الحازم للحؤول دون تكرارها ، وهي مسألة شرعية ومسؤولية دينية خطيرة يتحملها الجميع لاسيما الفئات المؤثرة في المجتمع المسلم ففي الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (ص) : " " الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله و لكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم ، والذي نفسي بيده لايؤمن عبدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ( التاج الجامع : ج5 ، ص 72 ـ 73) .
كتبه أقل خدمة الشرع الشريف
يوسف النمر الموسوي
11/1/ 1436هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق