السبت، 29 نوفمبر 2014

الحاجة للفهم

محمد العلي : «يستلب المجتمع الفرد بمقدار ما يجعل تحقيق الحاجات الأساسية صعبا، مثل الحاجة الى النشاط الابداعي، واقامة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين والحاجة لتجذر ثابت والحاجة لتملك هوية خاصة والحاجة لتملك اطار مرجعي والحاجة للفهم».

هكذا يقول اكثر علماء الاجتماع وأشدهم لمعانا، وهو ما يسمونه «الاستلاب» ويعرفونه بأنه «انحلال الرابطة بين الفرد والآخرين» وهو من مئات المفاهيم التي اقتبسناها من ثقافة الآخر والتي بقيت ثقافتنا ترزح تحت معانيها القاموسية البدائية.. فالسلب في ثقافتنا هو «أخذ الشيء قهرا» وقد تزحزح عن معناه هذا قليلا فيقال: يعيش حياة استلاب أي حياة خضوع واستعباد بفعل ظروف اجتماعية واقتصادية او فكرية او سياسية خارجة عن إرادته، وهو معنى جاء نتيجة العدوى من مفهوم الآخر.

حين نعود الى قراءة ما قالوه مرة اخرى وبعينين لا تغمضان نجد ان كل جملة فيه تحتاج الى وقوف طويل.. خذ مثلا جملة «الحاجة الى النشاط الابداعي» وابذل قليلا من التأمل فيها تجدها ذات دلالات عديدة وأولى دلالاتها انها الطريق الى اثبات الذات ومن يحرم منها فقد سلب منه الجزء الاهم من وجوده وهو اثبات هذا الوجود.

وخذ - مثلا - جملة «الحاجة للفهم» وتخيل العوائق التي تحول بين الفرد والفهم بذاته لا بغيره بجهده لا جهد الآخرين وبإرادته لا إرادة الآخرين ثم انظر الى المجتمع واسأل: كم من فرد فيه وصل الى فهم ما يحتوي عليه ذهنه من مفاهيم وآراء؟ وهل خرج عن سجن ما لقنته المدرسة وما سمعه تكرارا من وسائل الاعلام وما تفرضه عليه سائر الحتميات الاجتماعية؟!

ان اشد انواع الاستلاب فداحة هو ان تجد ثقافتك عاجزة عن الامتناع عن الاستجداء وهي ثقافة الآخر، ذلك لأن هذا الاستلاب كما يقال هو «الانسلاخ من الذاتية الثقافية وخضوع للتبعية للآخر كحضارة وثقافة».

هل نحن مستلبون؟!

أريد منك أن تجيب عن هذا السؤال بعد أن تفكر في محتواك الداخلي ومحتوى مجتمعك والتفكير العميق في هذا المحتوى وسوف أراك هناك في مدينة «الكوجيتو».

ليست هناك تعليقات: