الاثنين، 4 أغسطس 2014

لمحات من سورة التحريم في العلاقات الأسرية 3

بسم الله الرحمن الرحيم..
﴿يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزاوجك والله غفور رحيم﴾

أسلفنا انه لو كان حب أحدٍ لرسول الله (ص) من منطلق رسالته ونبوته وشخصيته الحقيقية الواقعية فسيكون هذا الحب سبب لطهارة القلب وسلامة الصدر ونورانيته وهذا مطلوب ومندوب إليه بل هو غاية الإيمان وهو سبب للنجاة في الدنيا والآخرة ولكن ما يفهم من الآيات أمرا آخر تماما كما ذكرنا سابقا.
وربما يرد سؤالا عن الشق الآخر :ألا يعقل أن يكون طلب رسول الله "صلى الله عليه واله وسلم" لرضائهن أو (لرضائهما) على الأصح من موقع حبه هو شخصيا وتعلقه ( كما يحلو للتاريخ أن يؤكد وينقل) ألم تمتلئ صفحات التاريخ بالروايات التي أريد لها أن تؤكد هذا المعنى بطرق كثيرة وأشكال عدة؟؟ حتى أصبح هذا الإدعاء مذهبا له اتباع وأنصار.
فلما لا يكون تحريم رسول الله (ص) عن نفسه ما احل الله له من باب حبه هو لرضاهما وشديد تعلقه بهما أو على الأقل واحدة منهما ؟؟
هنا نقول الاجابه تتوقف على:


1. التصور الصحيح لذات النبي (ص) :

نقول أن اغلب الأخطاء التي نقع فيها في عند حكمنا على شيء أو لشيء ناتجة عن عدم صحة تصورنا لموضوع ذلك الشيء فعندما نريد الحكم على رسول الله أو لرسول الله (ص) وننسب له شيئا ما فيجب ان يكون عندنا بالدرجة الأولى تصور صحيح لشخصيته الطاهرة المقدسة .
فنسأل منذا يمكن أن يكون موردا لحب رسول الله وإكباره لكي يسعى ويتعب نفسه الشريفة صلوات الله عليه أهله جاهداً في جلب رضاه.. منذا جدير بقلب اكمل البشر ويأخذ موضعا ومحلا رفيعا فيه ؟؟؟ 
ومعنى الحب هو أن يجد الإنسان ذاته في شخص أو في شيء ما فيجد ما يحاكي ذاته أو يأنسها ويسانخها فتميل إليه كما تميل الأجسام الطبيعية إلى مراكز ثقلها .
والإنسان موجود لا يحب إلا ذاته أو ما يحاكيها أو ما تطمح إليه وتتمناه هذا هو الحب الحقيقي فقد تحب كتابا تقراه لأنك تجد فيه ظالتك وتجد فيه حاجتك ولولاهما لم يكن له قيمة عندك ولا قدر لديك فنحن نحب الأشياء بقدر اتصالها بنا وصدقها معنا ومسانختها لنا يقول الأمير (ع) لابنه الإمام الحسن (ع) : (وجدتك بعضي بل وجدتك كلي) إن هذا الوجدان هو الذي يجعلنا نعشق ونحب.
وهذه حقيقة في الإنسان بما هو إنسان ولكن بمقدار معرفته في عالم الحق والحقيقة فهو يبحث عن ذاته الحقيقية في نفسه وفيما حوله وإذا سرح في عالم الوهم والخيال والباطل فهو لا يحب إلا الباطل ولا يتوله ولا يتولى إلا هواه " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"
فهل وجود رسول الله (ص) - وهو رجل العقل وفارس ميدان الحقيقة - في العالم الخارجي وفي الممكنات شيئاً يجد ذاته فيه أو على الأقل بعض ذاته ( فاطمة بضعة مني ) .
كيف يمكننا الجمع بين قولنا انه لم يخامر قلب ولا عقل رسول الله إثم ولا ذنب ولا وهم ولا باطل ولا فتر عن اللهج بذكر الحق هذا من جهة ومن جهة أخرى أن قلبه متيم بمن خرج عن صراط الطاعة وصغى ومال وانحرف عن العدالة ﴿ إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما﴾ 

2.مراحل السير والسلوك :

وهذا الدليل أقوى من سابقه ومفاده أن هناك اصطلاحا وتعبيرات واقعية عند أهل العلم والمعرفة والعرفان وهي أن الإنسان السالك من عالم الطبيعة إلى ربه المختلق لحجب الظلام والمادة يقطع أربع مراحل في طرقه هذا :
سفر من الخلق إلى الحق.
سفر في الحق بالحق
سفر من الحق الى الخلق
سفربالخلق الى الحق
إذ أول خطوة أول مرحلة هي السفر من الخلق إلى الحق والذي مقتضاه أن يترك الإنسان كل ما في عالم الطبيعة إلى الله لكي يحصل على الإذن للدخول إلى حضيرة القدس فإذا كان أول خطوة يقطعها العارف هي هجرانه لما سوى الله وترك جميع تعلقاته فهل يعجزنا أن ندعي لرسول الله (ص) هذه المقامات وانه قطع هذه المراحل وهو من وصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى دنوا واقترابا من العلي الأعلى .
ألا يصح منا القول أن ليس في قلب رسول الله إلا الله وتجلياته وأن الأشياء بمقدار قربها و سلوكها في صراط الطاعة لها من قلبه حظا (ص) وبعد هذه التقدمة لنقرا الآيات ...
﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ﴾

ليست هناك تعليقات: