الأحد، 6 يوليو 2014

الشيخ عبد المحسن النمر يتناول موانع استثمار الضيافة الإلهية في شهر رمضان

تناول  الشيخ عبد المحسن النمر في خطبة الجمعة الأخيرة الموانع التي تحول دون استثمار شهر رمضان الكريم والحصول على الهبات الإلهية التي وعد الله تعالى بها عباده، والتي وردت في خطبة الرسول الأعظم (ص) في خطبة الجمعة الأخيرة من شهر شعبان.

وابتدأ سماحته الخطبة تاليا الآية الكريمة ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين).
ثم علّق سماحته بالقول: أقبلت علينا أيام صدق النية مع الله، فلا بد أن نقوم بتطهير قلوبنا وتصفية أنفسنا في شهر وعدنا الله فيه بالمغفرة والعتق من النار والصفح والتجاوز عن الذنوب.


وأضاف: بعض المسلمين يتعاملون مع الشهر معاملة سائر أيام السنة، إنما يلتزمون بالصيام نزولا عند الفرض، وليس أملا وعشقا ورغبة، ندعوا الله تعالى أن يغيّر مفهومهم عن شهر رمضان.


وأكّد سماحته وجود تعامل مغاير مع الشهر بقوله: حديثي هو مع من هم أمثالي وأمثالكم ممن يأمل ويطمح أن يوفق في الحصول على العطايا الربانية في هذا الشهر الكريم. فلا حديث لنا مع من حدّ شهر رمضان، وحدّ مفهوم الصوم في ترك الطعام والشراب.

• معالم الضيافة الإلهية

وتساءل سماحته عن العوامل التي تمنع الإنسان من استثمار هذا الشهر الكريم، ممهدا للحديث عنها، فقال: ما هي الحجب التي تحول دون الانطلاق في شهر رمضان وتحصيل المراتب العالية التي وعد الله بها عباده في هذا الشهر الكريم؟
وأضاف: ولا بد للتعرف على هذه المقامات التي تنتظرنا، من وقفة مع خطبة رسول الله (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان حيث يقول (ص): "أيها الناس إنه قد أقبل عليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله".

وعلّق سماحته على هذا المقطع من الخطبة بالقول: التفتوا إلى أن الموجِّه لهذا الكلام هوالإنسان الذي كشف له الله حقائق هذه المعاني فهو يتحدث عن إدراك حقيقي، فلنعلم يقينا أن هناك حالة خاصة، وضيافة خاصة من الرحيم الحليم العظوف.

- " ... فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة، أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الذنب في هذا الشهر العظيم ...".

- " .. يا أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على السراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين... ومن تلا فيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور..".

• موانع استثمار الضيافة

ثم شرع سماحته في الحديث عن موانع الاستفادة من العطايا الإلهية في هذا الشهر الكريم قائلا: فما الذي يقف حائلا بيننا وبين أن ننهل مما كشف لنا الرسول؟ لماذا يمرّ علينا شهر رمضان بعد شهر رمضان ونحن في مكاننا لا نبرح؟!.

• بعض العوائق العامة :

1- الجواذب الشيطانية الخارجية، صحيح أن الشياطين قد غلّت، ولكن يبدو أنها قد أعدّت برامجها المسبقة، وأوكلت للشياطين في هذا العالم بهذه الأمور التي تهدف إلى شغل الإنسان عن المشروع الرباني. السعي في تنوّع الملاذ والمشارب والانشغال بها وعمارة الأسواق والنشاط التجاري.

وأضاف: طوال السنة هناك أيضا حاجة للمأكل والمشرب والملبس، أليس شهر رمضان مخصصا للعبادة؟! تعجّ الأسواق بالخصوص في شهر رمضان، وكذلك البرامج موجودة طوال السنة، فلماذا تتركز في شهر رمضان؟!.

2- وكذلك انقلاب الليل نهارا، ولو كان يقضى في العبادة لكان توجها صحيحا، ولكنك تجد أن صلاة الظهر تبخس ويقل الحضور والإقبال إليها في شهر رمضان، بخلاف ما هو مفترض من زيادة الإقبال على الصلاة جماعة في شهر رمضان.

و بيّن سماحته أنّ الحل أن ينسق الإنسان وقته، صحيح أن في هذه البرامج ما هو مسل ولطيف، ولكن لا ينبغي أن يستغرق كلّ وقت الإنسان.

3- أعمالنا السابقة خلال السنة، بعض الذنوب والأخطاء تقع حائلا بيننا وبين أن ننفتح على السماء والآخرة وتشكّل قيودا وسجنا. 
وبيّن سماحته أنّ التخلص من منها يأتي من صدق التوبة إلى الله تعالى والعزم على التخلص من الذنوب، فإن الله تعالى يبدل تلك السيئات إلى حسنات، ولكن علينا أن نصدق هذه التوبة، الله يحوله إلى نور وطاعة وإيمان.

4- حصر الآمال والرغبات في الأمور المادية والدنيوية. أن يحصر الإنسان آماله في دعائه في الأمور الدنيوية، صحيح أنه ورد في الحديث اللقدسي: " يا موسى اسألني في ملح عجينك وعلف دابتك". ولكن ليس القصد أن تجعل همك في هذه الأمور، بل اجعل الله في كل شيء، وليس أن تنسى الله وتنسى الآخرة ويكون تفكيرك منشغلا بهموم الدنيا.

5- من الحوائل أن يعتمد الإنسان على نفسه ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).

إذا أدركت أن باب الرحمة هو فقط وفقط طريق الله عزّ وجلّ، حينها يكون الله مجيبا لدعائك. إذا وقفنا بين يدي الله تعالى راجين ودعونا لأنفسنا ولإخواننا، وبالأخص في هذه الأيام العصيبة، فلنتيقن حينها الإجابة من الله تعالى.

نسأل الله تعالى بحق الرسول (ص) أن تكون هذه الأيام والساعات والليالي هي أفضل الأيام بالنسبة لنا. وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

ليست هناك تعليقات: