صدر حديثًا عن «مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي» كتاب «الإسلام والتعدد الحضاري: بين سبل الحوار وأخلاقيات التعايش». مؤلف الكتاب هو فضيلة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي «رحمه الله». وهو عبارة عن محاضرات ألقاها فضيلته أعدّها وحررها الشيخ حسين منصور الشيخ. يتألف الكتاب من 248 صفحة موزعة على خمسة فصول:
الفصل التمهيدي: «الإسلام وبناء القيمة في العلاقة الإنسانية كما يعرضها الدكتور الفضلي»: يحتوي على دراسة تحليلية موجزة حول مرتكزات خطاب الدكتور الفضلي حول الحلّ الإسلامي في بناء علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وذلك في عنوانين رئيسين، هما: «الدين بوصفه رؤية في بناء العلاقة الإنسانية السليمة»، و«الدين وبعث الروح الإنسانية من جديد».
الفصل الأول: «الإسلام والمفاهيم الضيّقة»: وفيه عناوين ثلاثة، كان أولها حول مفاهيم: المعرفة والفكر والوعي التي يجمعها عنوان رئيس هو: «الإنسان من التلقي إلى الفاعلية». فيما عالج العنوان الثاني: «الإنسان وفاعلية الانتماء» مفهومَي: الدين والهوية. أما عناوين: حق الحياة، والحرية، والسياسة فقد أدرجت ضمن العنوان الثالث: «المجموع الإنساني ومنظومة الحقوق والواجبات».
الفصل الثاني: «تعدد السبل: نظرة إسلامية في تعدد الحضارات»: ويتحدث عن الرؤية الإسلامية حول تعدّد الأنظمة السياسية وطبيعة العلاقة بينها، والتفريق بين النظام والحضارة في المفهوم الإسلامي. تناوله الشيخ في عناوين ثلاثة، افتتحها بوقفة موجزة حول بعض المفاهيم المفتاحية، وهي: السبيل، والحضارة، والنظام، والعلاقات المتعددة بينها، لينتقل بعدها للحديث عن: «الموقف الفكري من تعدد السبل» مقارنًا فيه بين النظرة الغربية التي لا يؤمن الكثير من قياداتها بتعدد الحضارات، مع النظرة الإسلامية التي يذهب فيها الشيخ إلى إقرار الإسلام بتعدد الحضارات وتعايشها مع الالتزام بوحدة النظام. وفي عنوان الفصل الأخير: «الموقف العملي من تعدّد السبل»، يستعرض محاضرنا الفضلي نماذج من تعامل الإسلام مع الحضارات المغايرة، وذلك استقاءً من التجربة النبوية في ذلك.
الفصل الثالث: «الحوار الإنساني بين الهويتين الدينية والحضارية»: عالج فيه الشيخ موضوع حوار الحضارات، وذلك في عناوين أربعة: بحث في أولها طبيعة العلاقة الإنسانية وغلبة الروح الأنانية فيها والمعالجة الدينية للتخفيف من غلوائها الاجتماعية. فيما بحث في ثانيها تحوّل طرفي الحوار تاريخيًّا من الصفة الدينية إلى الصفة الحضارية. ليبحث الثالث منها في تمايز أطراف الحوار وفق النظرة القرآنية وبخاصة فيما يرتبط بالجانبين الفكري والتشريعي. ليتناول في العنوان الأخير بعضًا من آداب الحوار كما عرضتها الآية الكريمة: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ﴾.
الفصل الرابع: «العقل الجمعي وحوار الحضارات»: يعالج فيه الشيخ مسألتين تعدّان من لوازم الدعوات النبوية، وهما: مسألة العقل الجمعي الذي يعني تأثر أفراد المجتمع بالأجواء السائدة والموروثة وعدم الإصغاء إلى صوت العقل، ما يمنع من قبول تلكم الدعوات ومن ثم مواجهة الأنبياء لعملية التبليغ مواجهة شاقّة بسبب تلكم الروح الجمعية في التفكير. والمسألة الثانية هي مسألة الحوار مع الآخر، وذلك انطلاقًا من أن طبيعة الرسالات الإلهية هي في جوهرها دعوة للآخر لقبول العقيدة الجديدة، وهو ما يحوّل الدعوة إلى عملية حوار دائمة ومستمرة، ما يعني - بصورة أخرى - أن الحوار من لوازم أي حركة دينية، ولكنه في صيغته المعاصرة لا ينبغي أن يقف في حدوده التقليدية، وأن ينتقل إلى صورة مؤسساتية معاصرة، لها قيمها ومعاييرها الدينية المنسجمة والروح الإسلامية في الدعوة والتبليغ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق