يقول اللاعب الأسطورة بيليه: إن حللت الأول فأنت الأول، وإن حللتَ ثانياً فأنت لا شيء، وبهذه العقلية تدخل البرازيل المنافسة. بالفعل، هناك من ينظر لهذه البطولة باعتبارها رياضية، ويراهنون -مجازاً أو حتى حقيقة- على فوز هذا الفريق أو ذاك، وعلى الرغم من يجزم بفوز البرازيل باللقب، ومن يرى أن لا خيار آخر إلا أن تتقابل في المباراة النهائية الأرجنتين مع البرازيل، وبغض النظر عن تلك الترجيحات، تستعد البرازيل للبطولة على أكثر من صعيد، باعتبارها مناسبة اقتصادية أكثر منها أي شيءٍ آخر! كيف لا تكون بطولة البطولات في كرة القدم مناسبة رياضية؟! فكر "طقها والحقها" تلاشى منذ زمن حتى في لعبة كرة القدم، فكما ندرك جميعاً أصبح الأمر يدار فنياً بقدر كبير من الاحترافية، وكذلك الأمر من الناحية المالية، فالنوادي في الكثير من بلدان العالم، وخصوصاً في الدول المتقدمة اقتصادياً هي عبارة عن مؤسسات تجارية ساعية للربح، وبدلاً من أن تنتج سلعاً تنتج فريقاً يسجل أهدافاً ويفوز بمباريات ويحقق بطولات، ونتيجة لذلك يحصل النادي على دخل من مصادر متعددة من رعايات وتحقيق أرباح من تبادل أو حتى التخلي عن اللاعبين المحترفين.
ذاك على مستوى النوادي، أما على مستوى البطولات الدولية فالأمر أكثر تعقيداً وأعلى دخلاً، إذ تشحذ الدولة كل طاقاتها لرسم أفضل صورة وتحقيق أفضل عائد نتيجة لاستقطاب المهتمين والاستفادة مما سينفقونه في تذاكر سفر وإقامة وبقية المصاريف، وتقديم العروض الترويجية لهم للمكوث لأيام قبل أو بعد البطولة للسياحةِ في البلاد. شاهدنا ذلك في البطولات الأولمبية في روسيا مؤخراً، وإلى أي مدى اهتمت الحكومة الروسية بالمناسبة ومستوى الانفاق العالي لتشييد القرية الأولمبية لإبهار العالم استقطاباً للسياح وللمعلنين. البرازيل لم تخرج عن القاعدة، فهي دولة غنية على أية حال وتتمتع باحتياطيات نقدية عالية ولا تعاني من أعباء ديون خارجية تذكر، وفوق ذلك فالبرازيل سابع أكبر اقتصاد في العالم من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ويتمتع اقتصادها بتنوع الأنشطة وبدرجة عالية من النمو والحيوية. هذا إجمالاً، أما خلال السنوات الأربع الماضية فقد انخفض نمو الاقتصاد البرازيلي لما متوسطه نحو 2 بالمائة سنوياً، ويعاني من معدل تضخم في حدود 6 بالمائة، ولذا فإن البرازيل تراهن أن تخرجها البطولة من الرتابة الاقتصادية ومعدل النمو المنخفض، وباعتبار أن الاقتصاد البرازيلي ليس بالضرورة منفتحاً على الاستثمار الأجنبي ومن معالم ذلك ارتفاع الضرائب، لكن البرازيل تسعى لاستقطاب الزوار وتحقيق طفرة في أنشطتها السياحية، ليس لهذا الموسم فقط بل أن تكون البطولة انطلاقة جديدة لتصبح البرازيل محطة سياحية عالمية، فعلى الرغم أنها تلقت أكثر من 6 ملايين سائح العام الماضي (2013)، إلا أنها تعاني من تدني تنافسيتها مع البلدان المجاورة ومن تأخر ترتيبها بين البلدان السياحية في العالم. فهل تفوز البرازيل؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق