الأربعاء، 30 أبريل 2014

قراءة في الكوميديا السعودية والكويتية

كان نصيب الكويت أن تكون بوابة الخليج ثقافيا قبل 40 عاما ، لذا كسبت الكويت سيادة فنية على الخليج ، بيد أن الكوميديا السعودية كانت تسير في خط متوازي بعد فترة من الزمن .
من خلال تحليل شخصي للكوميديا في الكويت أجدها في العمق غير ناضجة ، الضحك يتولد من خلال سلطة ممثل على ممثل ، الضحكة تنبعث من خلال العنف الساخر اللفظي والموقفي ، فمن خلال مراجعة أعمال عبدالحسين عبدالرضا الكوميدية تجد أن قوته في صنع الموقف الضاحك من خلال ظهور سعد الفرج في أدوار الطيب والساذج الذي يصنع لعبدالرضا فرصة ممارسة العنف الساخر ، الضحك الذي ينبعث هو لحالة السلطوية في المشهد الكوميدي .
ولم يتحرر عبدالرضا من الستايل التقليدي في أعماله الكوميدية دور التاجر التقليدي الشعبي أو الباحث عن المال ، لذا نجد علامة (المال ) علامة جامعة تصلح محورا للتحليل السيميائي لأعماله .
كما أن الكوميديا الكويتية عموما خدمتها الظروف السياسية وحراك الرأي في المجتمع الكويتي مما أتاح للممثل الكويتي المساحة في النقد ، ولاننسى استفادة الممثل الكويتي من توظيف التابو الإجتماعي الخليجي من خلال صرامة الأعراف الاجتماعية في الخليج ليخلق في العمل الكوميدي متنفسا ، فاستخدام التلميحات الجنسية في مجتمع يعاني الكبت مثلا استراتيجية خدمت مثلا مسرح طارق العلي وهو مسرح تجاري على العموم .

لكن حين نتوجه للكوميديا في السعودية فأنت تجد كوميديا الموقف الكوميديا التي تنبعث بعفوية وعمق ، وحتى لايكون الكلام إنشائيا ، لنأخذ مسلسل (طاش ماطاش ) بوصفه عينة بحث ، تجد أن صناعة الضحك ناتج من اللعب على مفارقات الواقع ، يتعمد الممثل السعودي جلب العمل من خلال البيئة وتوظيف الاختلافات الاجتماعية في مجتمع بحجم السعودية بين غرب وشرق ووسط وشمال وجنوب كل جهة تحمل ثراء ثقافي واجتماعي .

فالقصبي ينتقل بين شخصية (فؤاد ) من جدة إلى (أبوعلي ) من الجنوب ، إلى (أبوهزار ) من نجد ثلاث شخصيات تصنع المفارقة في عدة سياقات ، ولو رصدنا الحلقة الأكثر شعبية في الضحك (فارس القبيلة ) التي لعب القصيبي دور (فؤاد ) الشاب الحجازي الساذج دور شيخ قبيلة بدوية ، استراتيجية الإضحاك كانت تعتمد على (لعبة الاختلاف ) الاختلاف الناشئ من ثراء البيئة .

استطاع الممثل السعودي الكوميدي أن يصل للمشاهد العربي من خلال تقديم ذاته دون اللجوء لممارسة عنف اللغة في عملية الإضحاك ، لذا حين جمع القصبي بعبدالرضا عمل كوميدي في شهر رمضان الفائت توقعت أن العمل لن يخلق ثنائية مقنعة ، كون الكويتي عمل طيلة سنيه باستراتيجية معينة قائمة على ممارسة السلطة على الآخر ، بينما السعودي هو مسكون ببيئته وبالمفارقة التي تصنعها البيئة السعودية لذا لم يجد الاثنان لغة تفاهم مشتركة .
في الختام أنوه أن الأعمال السعودية الكوميدية لم تخدم تمام الخدمة فأعمال المنطقة الشرقية اختفت تماما ، وكذلك أعمال المنطقة الغربية بسبب ضعف الدعم المالي ، في الوقت الذي يدخل السوق الفني خط قادم بقوة مالية وبمواهب شابة ألا وهي (الأعمال الإمارتية )

ليست هناك تعليقات: