نلاحظ من خلال قراءتنا المتأنية للتاريخ بشكل عام.. وجميع العلوم.. الإنسانية.. أن نقرأ عن بعض العلماء أو الأدباء أو الشعراء ممن يعتقدون بآراء تخالف النهج السائر في المجتمعات أو خلاف ما يعتقده الناس.. فيكون التصريح من هؤلاء بمثابة قنبلة موقوتة.. لهذه المجتمعات فتكون ردة الفعل عنيفة وساخطة.. جدا مما يجعل الكثير من الأفراد أو الهيئات الدينية أو المؤسسات الاجتماعية والعلمية من وقوف موقف معارض مستخدمين كافة الأسلحة التي يمتلكونها من أجل القضاء على هذه الأفكار بل والقضاء على نفس الشخصيات.. وسوف نذكر الآن بعض النقاط المستخدمة من قبل هؤلاء في استخدام القوة التسلطية اتجاه هؤلاء الأفراد:
1- محاولة كسب وتأييد مجموعة كبيرة من الناس من اجل وضع إعلام مركز ضد هذه الأفكار بل والشخصيات وتشويه سمعتها بشكل مباشر أو غير مباشر.. لكي تضمن عدم تقبل الناس لها ولأفكارها الجديدة.
2- تحريك الساحة على نطاق واسع.. من محاولة لجذب بعض العلماء أو أصحاب الرموز العلمية في شتى المجالات من اجل إضفاء صبغة دينية أو شرعية على تحركاتهم ضد هؤلاء.
3- تسخير الأقلام بشكل عام من اجل مقابلة هذه الأفكار بأطروحات مخالفة لهؤلاء وهي محاولة للقضاء بصور واضحة على هؤلاء وأفكارهم بحيث لا تبقى لهم من باقية.
4- استخدام أسلوب المقاطعة الاجتماعية..بشتى صنوفها.. وهذا له تأثير كبيرا جدا وهو وسيلة من وسائل الضغط الغير مباشر على هؤلاء لتغيير أفكارهم وخضوعهم أو رجوعهم عن اعتقاداتهم.
5- عدم الكتابة عنهم أو الترجمة لهم بأي حال من الأحوال لأنهم – حسب اعتقاد هؤلاء- لا يستحقون الذكر أو الترجمة أو حتى الإطراء لأسمائهم في المحافل أو الكتب.. وهذا نوع من أنواع المقاطعة.
6- عدم دعوتهم إلى أي محفل للمشاركة فيه.. ومحاولة استنقاصهم.. بل وتأليب الناس عليهم بأي طريقة ممكنة لأنهم – حسب رأيهم – أناس ضالون معاندون مستمرون في غيهم فيجب القضاء عليهم.
هذه بعض النقاط التي تعاني منها هذه الفئة «المغضوب عليها» من قبل المجتمع بشكل عام.. ومن قبل أصحاب الأقلام والمراكز الدينية وغيرها بشكل خاص..
ودعنا نسلط الضوء بشكل مختصر على أهم ما تنتجه هذه المقاطعة التي لم تكن وليدة اليوم بل هي متأصلة منذ زمن بعيد.. وهي بالطبع نكسة كبيرة جدا قد فقدنا بسببها الكثير من التراث العلمي والتاريخي والأدبي..
1- تكميم الأفواه بشكل غير مباشر أو مباشر مما لا يتمكن صاحب القلم أو الفكر من اكتشاف الكثير من الأمور المهمة.. وهذا يقلص أو يسد باب التفكير.
2- ضياع الكثير من الأمور التراثية والتاريخية والمعلومات المهمة وبعض التراجم للكثير من المفكرين والعلماء والأدباء وغيرهم.. وقد لمسنا هذا بوضوح تام.. ولا نريد أن نذكر أسماء هنا بسبب حساسية الأمر.. ولكننا إذا تمعنا في القراءة المتنوعة نجد أنفسنا أمام نقص من المعلومات في تراجم بعض المفكرين أو الشعراء أو الأدباء أو العلماء بصورة غريبة جدا.. وإذا فتشنا عن السبب وجدنا المقاطعة الاجتماعية المركزة هي إحدى الأسباب القوية والفاعلة في ذلك.
3- عدم الوعي الكامل بالحرية الفكرية والعملية والدينية والأدبية.. مما يجعلنا في دوامة عميقة.. اتجاه هذه الظاهرة التي استشرت بشكل ملفت وكبير.
4- وقوف فئة من أصحاب الأقلام والمراكز الاجتماعية والعلمية مع المقاطعة بشكل يدعو للغرابة مما يزيد اشتعال الوضع الاجتماعي اشتعالا ويذكي لهيب الموقف ويصبح الأمر أكثر تعقيدا.
ونحن نتساءل.. إلى متى يبقى الوضع على ما هو عليه الآن ؟؟ ونحن في عصر الانفتاح والتطور.. ربما يكون هناك اختلاف في المعنى المقصود.. ولكن أريد أن أوضح.. أن المقاطعة الاجتماعية لأصحاب الأقلام والمفكرين.. أمر يجعلنا نخسر الشيء الكثير.. وقد يسأل ساءل.. وهل تريدنا أن نقف معهم في أفكارهم ومعتقداتهم؟!! ليس هذا هو القصد.. وإنما القصد هو محاولة التعامل مع الأمر بشيء من الحكمة الواعية.. البعيدة عن التسلط الاجتماعي وغير ذلك..
هناك الكثير من أصحاب الأقلام.. لا نجد لهم ترجمة.. وإذا محصنا وسألنا عن سبب ذلك.. نجد من ضمن الإجابات.. أن هذا «صاحب القلم» من المغضوب عليهم من قبل العالم الفلاني.. أو المجتمع الفلاني.. أو أو.. الخ.. ولهذا تجد طريقة التعامل مع الأحداث غير دقيقة مما يجعلنا نخسر أشياء كثيرة..
فإذا غضب بعض العلماء.. على بعض الأفراد.. يحاول هذا العالم أن يمحي اسم هذا الفرد من الوجود.. من مقاطعة وتشهير وتشنيع.. وغير ذلك.. مما يجعلنا نفقد ترجمته ولا نعرف اسمع إلا من خلال بعض الألسن.. وهذا إجحاف وتطرف واضح.. والتاريخ مليء بشكل كبير من أسماء كثيرة تحمل اسم «المغضوب عليهم» حتى في عصرنا الحاضر أمثال الشاعر القطيفي «وجدي المحروس».. لان الظاهرة قد استشرت وأصبح الناس يتبعون دون روية او فهم واعي.. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق