الخميس، 6 نوفمبر 2014

أطروحة لحل مشكلة الأقليات في بلادنا العزيزة

من نزيف الجرح الأحسائي كتبت هذه الكلمات ..لعلها تلقى أذناً صاغية.

ردود الفعل على جريمة الدالوة بالأحساء الغالية لم تقف على جوهر المشكلة بشكل مباشر رغم كثرتها وتنوعها، وبقيت تدور حول الأسباب الناتجة عن ذلك الجوهر.

ولا بأس أن يغيب جوهر المشكلة عمن يعيش خارج بلادنا، ولكن كل أبناء هذه البلاد يعلمون به ولكنهم يتفادون الحديث المباشر عنه خوفاً من الاتهام بالطائفية أو غيرها من أساليب الكبت والتعتيم والتخويف.

وسأحاول أن أسلسل الموضوع خطوة خطوة، فتحمّلوني لأن بعض المعلومات معروفة ولكن التسلسل يتطلب إيرادها.

- كما هو معلوم، فإن الدافع الأساس الذي حرّك الجناة لارتكاب هذه الجريمة الكبرى كان (الدافع الديني)، فهؤلاء يعتقدون أن عملهم هذا جهاد في سبيل الله ويؤمنون أنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى.

- أما نسبة ذلك إلى أجهزة السياسة والمخابرات، فهي قد تكون صحيحة كدوافع غير مباشرة في التوجيه والتوقيت والمكان والتأثير والاستفادة من الجريمة..، ولكن الدافع المباشر للجاني في جريمته كان الدافع الديني.

- والذي غذّى هؤلاء بهذه العقيدة هي (فتاوى دينية) من مشايخ في هذه البلاد، فما هؤلاء إلا أدوات مطيعة لهؤلاء، يعملون وفق فتاواهم وتوجيهاتهم وأوامرهم، فالمحرّك لهم هم (المشايخ).

- إذاً، فالدافع الأول هي (الفتوى) التي آمن بها هؤلاء وحرّكتهم للعمل عن إيمان غرسته مرجعياتهم الدينية (المشايخ).

- وأيضاً كما هو معلوم، فإن المشايخ المقصودين هنا هم مشايخ (المذهب السلفي) المتسلط في هذه البلاد، والذي تتبناه الدولة مذهباً رسمياً لها.

- والمذهب السلفي تسلط بالقوة ودعم السلطة منذ تأسيس المملكة وعلى مدى عشرات السنين على الساحة الفكرية في البلاد، حتى طغت عقائده على العقول وتغلغلت في النفوس وأصبحت تمثل الدين الإسلامي لدى أغلبية الطبقة العامة والخاصة من أهل السنة في المملكة.

- في ضوء هذه السلسلة، فإن جوهر المشكلة يكمن في (المذهب السلفي ومشايخه)، المذهب الذي يقوم على عقائد التشدد الديني والتكفير، والمشايخ الذين يسوسون العقول والقلوب بهذه العقائد التي يصوروها على أنها الإسلام الحقيقي وكل المذاهب الأخرى مخالفة للدين في نظره.

- من هنا، فإن إصلاح الخطاب الإعلامي وتعديل المناهج التعليمية ظاهرياً لن يحلّ المشكلة، لأن المشايخ (حماة العقيدة السلفية) ستبقى لهم السلطة الأولى على هؤلاء كما هي من منابر المساجد ومدارس تحفيظ القرآن والجامعات.. وغيرها.

- لقد عاشت الأقليات المذهبية في هذه البلاد من مذاهب إسلامية للسنة والشيعة (مالكية وشافعية وحنفية وإمامية وزيدية واسماعيلية) صراعاً طويلاً قارب القرن من الزمان مع المذهب السلفي.

- وجابه أتباع هذه الأقليات الحروب التكفيرية المتتابعة والإبعاد والضغوط من الدولة ومذهبها الرسمي السلفي.

- ولم تقدم الدولة ومذهبها تنازلاً إلا شكلياً في بعض الظروف الضاغطة عليها.

- حقيقة المجتمع في المملكة أنه متعدد الانتماءات (المناطقية والمذهبية)، وهو عبارة عن أقليات تحكمها أقلية واحدة، أقليات مذهبية يحكمها المذهب السلفي، وأقليات مناطقية تحكمها منطقة واحدة.

- ولتوضيح هذه الصورة، ولنضع رسالة واضحة للأقلية المذهبية المتسلطة، فإنه على مدى عقود طويلة، كان فيها أتباع المذاهب الأخرى: تُحارب منابرهم وتُمنع كتبهم ويُحرمون من تدريس أبنائهم وفق مذاهبهم ويُجبرون على دراسة المذهب السلفي، ورغم كل هذا ما زال كلٌّ منهم متمسك بمذهبه وعقائده. وعدم نجاح هذا المذهب السلفي في ذلك، نتيجة لضعفه الفكري من جانب، ولأن أتباع المذاهب الأخرى من جانب آخر، اطلعوا على المذهبين وقارنوا بينهما فكانت لديهم ميزة القناعة الواعية والمضاعفة بمذهبهم.

- إذا نظرنا لهذا الوضع في المملكة كما يعرفه أهلها جيداً، يجب أن يكون الحل وبصراحة القول في رفع تحكم أقلية بباقي الأقليات، ويجب الدعوة لمشاركة عادلة لكل هذه الأقليات (المذهبية والمناطقية).

- ويجب الاتفاق بالحوار الوطني العاقل والهادئ على المشاركة العادلة بما يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة من كل الأقليات، ويحفظ حقوق هذه الأقليات، فلا تطغى إحداها على الأخرى.

تعمدت استخدام الأسلوب المبسط في طرح الموضوع لتصل الرسالة وتخضع للنقاش والمداولة والحوار الشعبي والوطني.

ولم أتطرق لشواهد على ما ذكرت، لأن أهل البيت أعرف بالذي فيه فلا يحتاجون لذلك.

والله من وراء القصد لأن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم ويصلحنا إلى الخير والعزة والسمو.

ليست هناك تعليقات: