الاثنين، 16 يونيو 2014

المرجعية الشيعية التحديات والتغيير القادم

هل موقف وفتوى المرجع الديني الأعلى للشيعة آية الله السيد علي السيستاني بالجهاد ضد المعتدين الإرهابيين - جماعة داعش - ، وتفاعل الشيعة في العراق والعالم بشكل إيجابي معه في مصلحة الطائفة الشيعية والعراق والمنطقة، وهل سيجعل الشيعة في العالم يتبنون الموقف السياسي والثوري أمام التيار التقليدي المحافظ الرافض للتدخل في الشأن السياسي، وهل سيكون لهذا الفتوى اثار تغييرية قادمة في الفكر والعمل السياسي والحركي؟.   

صدور فتوى بالجهاد من قبل المرجعية الشيعية ضد الإرهاب والإرهابيين وضد من يعتدي على النفس وعلى الوطن والمقدسات - من باب الدفاع عن النفس - يمثل حدثا تاريخيا، وسيكون لها اصداء قوية لبداية مرحلة جديدة في موقف المرجعية الشيعية في النجف، وعلى الساحة العراقية بالخصوص وعلى المنطقة والشيعة في كل مكان بشكل عام.

فتوى التعبئة لمواجهة المعتدين والإرهابيين ستؤدي إلى دعم الفكر السياسي والثوري في الوسط الشيعي بشكل أقوى مقابل الفكر التقليدي المحافظ الذي يرفض التعاطي السياسي ودعم الحراك المطلبي والإعلان المباشر بدعم الحركات والنشطاء والحقوقيين والمعارضين للمطالبة بالحقوق والعدالة والحرية في أوطانهم.

وحتما ستقرأ حكومات المنطقة التي فيها شيعة أو أغلبية شيعية مثل البحرين رسالة فتوى السيد السيستاني بقلق وخوف شديد، فالبحرين ذات الأغلبية الشيعية تشهد ثورة شعبية منذ بداية الثورة العربية 2011 لغاية اليوم وقد قدم الشعب البحريني الكثير من الضحايا شهداء وجرحى ومعتقلين في السجون من الرجال والنساء والأطفال وتعرض الكثير للانتهاكات ومنها أنتهاك للاعراض، مما يعني أنه يحق للشعب الأعزل المسالم أن يقاوم المعتدي وأن يدافع عن نفسه وعن عرضه ومعتقده بالوسائل المتاحة - من باب الدفاع عن النفس -، ويتوقع من بعض علماء الشيعة في البحرين أو في شرق السعودية الاحساء والقطيف..، حيث الحراك المطلبي السلمي متواصل ان يغيروا مواقفهم من الحراك والمعارضة والسلطات المحلية بما يتناسب مع موقف زعيم الشيعة السيد السيستاني وأن يقوموا بدعم الثورة والحراك والنشطاء الذين يدافعون عن حقوق المجتمع والمظلومين بصوت مرتفع، وأن يطالبوا السلطات بتحقيق مطالب الشعب والأفراج الفوري عن المعتقلين وتأييد الدفاع عن النفس.  

موقف المرجع العالمي للشيعة آية الله السيد علي السيستاني، الذي يمثل المرجعية العليا للشيعة - الرافض طوال الفترة الماضية التدخل في الشأن السياسي بشكل مباشر والرافض للرد بعنف على ما يقوم به الارهابيين  من استباحة الدم العراقي بشكل يومي - عبر أصداره لفتوى التعبئة والتطوع في الجيش العراقي ومواجهة الأعداء والإرهابيين يشكل نقلة ويعبر عن الوعي والشعور بالمسؤولية إتجاه المخاطر الكبرى التي تهدد العراق وشعبه من جميع الطوائف وبالخصوص الشيعة المستهدفين من قبل الإرهابيين التكفيرين، في ظل ضعف امكانية الحكومة العراقية ورجالها والأحزاب السياسية القيام بالدور المطلوب بتحريك الشعب كله تحت راية واحدة، حيث إن الساسة فشلوا منذ إسقاط النظام البعثي الإتفاق على مشروع موحد لمصلحة الشعب وبناء عراق قوي.

وأتوقع فتوى آية الله السيد الستساني بالجهاد ضد الاعتداء الإرهابي  وحماية النفس والوطن تأتي لايمان المرجعية بعدم قدرة الحكومة العراقية على مواجهة جماعة داعش الإرهابية التي تتقدم بشكل سريع، بسبب حدوث خيانة من قبل المسؤولين العسكريين، وخطورة الوضع المستقبلي، رغم اداركها لردود ومخاطر الفتوى التي ربما تقرأ من قبل بعض المرضى بنفس طائفي مما تشعل المنطقة.

فمنذ سقوط النظام البعثي، والأحرار في العالم يتمنون أن يصبح العراق الجديد انمودجا مميزا للدولة الحضارية في تطبيق الديمقراطية والعدالة والحرية وانتقال السلطة بشكل سلمي، ولكن الذي حدث ان العراق زج به في دوامة العنف والمجازر الدموية اليومية من قبل أعداء الديمقراطية والعدالة والحرية، وأعداء العراق والشعب العراقي من داخل وخارج العراق وبالذات الدول المجاورة التي ترى في نجاح التجربة العراقية خطرا عليها، بالإضافة إلى نفوس وعقلية بعض الشخصيات السياسية التي تبحث عن المصالح الشخصية والحزبية والكراسي استغلال المناصب فقط، مما أدى إلى إنتشار الفساد وضياع حقوق الشعب وضعف الحكومة، وعدم ثقة الشعب فيها.

إن الاختلاف والبحث عن المصالح الشخصية والحزبية بين الشخصيات السسياسية بالاضافة إلى الفساد والخيانة هو الذي جعل العراق بهذا الضعف بحيث تسيطر جماعة داعش على مناطق في العراق بشكل سريع وتهدد بدخول بغداد وإسقاط الحكومة وتصفية الشيعة.

سيطرة داعش على تلك المناطق وارتكابهم المجازر المرعبة بأهلها، وعدم فعالية الحكومة والشخصيات على الإتفاق على خطة عمل والقيام بالعمل المناسب لمواجهة الخطر الكبير، هو الذي جعل المرجعية الدينية أن تصدر فتوى التعبئة الشعبية والتطوع في الجيش العراقي لانقاذ الوطن والشعب، والقضاء على جماعة تهدد السلم والسلام في المنطقة والعالم بسبب فكرها ومواقفها وطريقة ادراتها التي تشوه سمعة الدين.

شعوب المنطقة والعالم الأحرار والشرفاء يقفون ويساندون الشعب العراقي في محنته،  ويتمنى الشعب العراقي أن تكون هذه التجربة القاسية التي تشكل خطرا على كل عراقي من جميع الأطياف الدينية والمذهبية والعرقية والمناطقية والتيارات والأحزاب السياسية...، - إذ الكل خاسر إذا سقط العراق بيد الإرهابيين "جماعة داعش" التي هي أمتداد للقاعدة ومن ساهم في نشأتها - نهاية لمسلسل الاختلافات السياسية بين الساسة، وللمصالح الشخصية والحزبية، ونهاية للفساد وأستغلال المناصب، وللفقر والعوز وافتقاد البنية التحتية في كافة المناطق، وبداية للاتفاق بين الشخصيات الساسية المخلصة على مشاريع وطنية فيها مصلحة وفائدة للشعب العراقي، ورفع راية واحدة.

وأخيرا فتوى المرجع الديني آية الله السيد السيستاني بداية مرحلة جديدة لتاريخ الشيعة الحديث ولمرجعية النجف، وسيكون لها اصداء واثار تتجاوز حدود العراق والشيعة، وفرض فكر جديد من الفكر السياسي والحركي، مما يعني حدوث التغيير.

المسؤولية الآن تقع على عاتق الشعب العراقي بالقضاء على الجماعات الإرهابية الدموية المدمرة، وعلى الفساد والمفسدين، وتشييد عراق المستقبل العادل الأمن لكافة العراقيين من كل الأطياف والفئات والاديان والمذاهب والعروق، وأجبار الساسة على الأتفاق فيما بينها لأجل مصلحة العراق وشعبه، وعلى الشيعة وبالخصوص علماء الدين، وكذلك الاحرار والشرفاء في العالم من كافة الاديان والمذاهب في العالم التحرك والتصدي لإيقاف الظلم والجور والفساد والإرهاب، ودعم ومساندة ونصرة المظلومين والنشطاء والمعتقلين الشرفاء في كل مكان نصرة لنداء الثائر الخالد الامام الحسين (ع) "كونوا أحرارا في دنياكم".    

علي ال غراش

ليست هناك تعليقات: