الجمعة، 6 يونيو 2014

مغامراتي الرمضانية

أذكر في رمضان الماضي - كما هو الحال في كل رمضان - ارتفع سعر الطماطم (البندورة) ارتفاعاً مريعاً، ورغبت في أن أفهم هل كان الارتفاع من المصدر أم أن قنوات البيع تجتهد فتضع لها أسعاراً تبعاً للعادة السنوية؟

إذ يبدو أن البعض يربط قدوم الشهر الكريم بارتفاع أسعار الطماطم! كنت في الدمام في ذاك اليوم، وتنقلت من محل خضرة إلى آخر، ومن سوبرماركت إلى هايبر ماركت، وثم إلى سوق الخضار. 

ووجدت العجب العجاب؛ الأسعار تقريباً عشوائية، لا يربط بينها رابط، والتفاوت بلغ أكثر من 60 بالمائة، ويومها التقطت صورة لسعر كيلو الطماطم في أحد محلات السوبرماركت (أكثر من 12 ريالا) ووضعتها على صفحتي على تويتر، لكني ذهبت واشتريت الكيلو بحوالي 6 ريالات من مكانٍ آخر.

نحن في بداية شعبان، وفي كل عام تأتي مقدمات قدوم رمضان بزيادة الانفاق الإعلاني من قبل الشركات لحثنا على مزيد من الاستهلاك، ويتفننون في سبيل تحقيق ذلك بشتى الوسائل والمغريات. 

فتنطلق الإعلانات المحركة للبواعث الاستهلاكية لدى الزبائن من جهة، ومن جهة أخرى تعمل الرافعات الشوكية لإخراج ما تقادم في المستودعات لعرضه على الزبائن مع إقبالهم على شراء الأخضر واليابس وما بينهما "استعداداً" لقدوم الشهر الفضيل.

أعود للطماطم، فهل الطلب المتزايد هو ما يرفع سعر "الطماطم"؟ أم أن هناك سرا؟ 

بالتأكيد ليس الطلب، والدليل التجربة التي أجريتها العام الماضي، وعرضتها عليكم بعاليه. 

لكن بالأمس القريب أخبرني قريب أنه لاحظ مبالغة في أسعار الخضار في أحد محلات السوبرماركت، وعندما سأل مدير المحل، لم يكترث به، فاتصل بوزارة التجارة، وأخبروه أنهم لا يستطيعون فعل شيء فيما يتعلق بأسعار الخضار والفواكه، فتلك مسؤولية البلدية.

واتصل بالبلدية فأخبروه بأنهم لا يستطيعون فعل شيء فمسؤوليتهم تنحصر في أسواق الخضار المركزية! 

إذا السر في ارتفاع سعر الطماطم في محلات البقالة والسوبرماركت أنها لا تخضع لأي رقابة، يعني البائع يسعر حسبما يراه مناسباً! 

فما الحل، ورمضان على الأبواب، وتهديدات أن يصبح سعر كيلو الطماطم بـ « 15» ريالا حقيقية؟ 

بل كيف يتثنى لوزارة التجارة والبلديات ضبط الأسعار في رمضان تحديداً، والتجار في حالة توثب لمضاعفة مبيعاتهم، والمشترون في حالة تأهب أكثر من تام لمضاعفة مشترياتهم وإخلاء كل ما في الجيوب؟

لا أملك إجابة، لكن مجرد تساؤل: لماذا لا تشكل فرق مراقبة مشتركة بين التجارة والبلديات؟

ولماذا لا تستقطب وزارة التجارة متعاونين، إذ لا يشترط أن يكون مراقب الأسعار موظفاً حكومياً متفرغاً؟ 

فمثلاً بوسع الوزارة الاستفادة من عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات والطلبة الجامعيين للعمل معها بدوام جزئي بهدف رصد أسعار السلع الرمضانية في طول المملكة وعرضها. 

فلماذا لا نحقق ذلك؟ كل ما هو مطلوب: منع زيادة الأسعار في رمضان، ومنع تصريف البضائع التي على وشك الانتهاء من خلال العروض التي تجريها المحلات. ولن يتحقق المنع بمجرد الإعلان عنه، بل لا بد من ردع مباشر بمخالفة المحل أو حتى إغلاقه، ومن خلال فرق المتعاونين ستمتلك التجارة والبلديات قوة هائلة تغطي البلاد وتحمي جيوب العباد. 

أعود إلى جربة أخرى أجريتها في رمضان الماضي بالتعاون مع أم العيال، حيث وضعت قائمة من 16 صنعاً رمضانياً، وعلى رأس القائمة كان الساقو، ودخلت إحدى الجمعيات التعاونية في دبي، وأخذت أسعار كل منها، فيما كانت زوجتي تشتري نفس الأصناف من سوبرماركت في الدمام، وكان الفارق مذهلاً، في الجملة والتفاصيل. 

وقد "غردت" عن النتائج في حينها، وأذكر هذا هنا لأقول: إن الدور الرقابي في الشهر الفضيل لا بد أن يتضاعف، ولا بد أن يتخذ قنوات غير تقليدية. 

والقضية لا تنتهي عند عرض المشكلة، بل بمعالجتها، والمعالجة تكون في شقين: الردع والعقاب. 

والردع يتحقق بإدراك التاجر أن هناك احتمال مرتفع بأنه سينال عقاباً في حال استغلاله قدوم الشهر الفضيل برفع الأسعار دون مبرر. 

والعقاب يكون بتحرير مخالفات فورية للمخالفين، فأنا لا أفهم كيف يمكن أن نخالف شخصاً أوقف سيارته دون أن يدفع المقابل، في حين لا يُخالف شخصٌ استباح جيوب زبائنه.

والقضية ليست "طماطم" و"ساقو" بل استقرار الأسعار في رمضان، فهو شهر للعبادة والتواصل، فيما يصرّ البعض على جعله شهراً للتسوق والثراء السريع. 

وبالقطع فإن الحفاظ على ثبات الأسعار مهمة جسيمة تتطلب جهوداً غير اعتيادية، جميعنا يقول ذلك كل رمضان، وفي كل رمضان ترتفع الأسعار، أرجو أن نكسر تلك الرتابة مع قدوم الشهر الفضيل بعد أسابيع قليلة.

ليست هناك تعليقات: