الخميس، 5 يونيو 2014

ميثاق الأخلاق الوطنية

وطننا الغالي في أغلبه الأعم يتمتع بالأخلاق الاسلامية الحميدة ، و إن ظهر على السطح ما يعكر صفو الود بين المواطنيين من نعرات و نظرات ضيقة تسعر جذوتها وسائل التواصل الاجتماعية لا تصل إلى الخطورة نتيجة إدراك الدولة و إيجاد الحلول الناجعة و وعي المواطنيين من الجميع ، و كما يقال الوقاية خير العلاج عليه رأيت أن يوجد ميثاق لتعزيز ( اللحمة الوطنية ) و محاربة الطائفية و المناطقيه و القبلية وغيرها .

و كوجهة نظر يمكننا تحقيق هدفنا الذي نسعى له جميعاً عن طريق مصطلح أسميته ( ميثاق الأخلاق الوطنية - National Charter of Ethics )

و باعتقادي هذا المصطلح إذا ما أريد له الاستنهاض و الانتشار كثقافة وطنية كفيل بتوصيلنا لما نصبو إليه .

و لتوضيح هذا الطرح نبدأ بنظرة تشريحية لمعرفة أسباب الاختلاف الذي يؤدي إلى الخلافات و الصراعات و الاقتتال منذ بدأ الخليقة حتى يومنا هذا، مستنداً على كتاب لا يأيته الباطل و الأسباب هي :

أولا : الذاتية الاستعلائية 

{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }

إن الذاتية الاستعلائية { أنا خير منه } أخطر شيء نواجهه لأن صاحبها لا ينفك عنها، هذا الاستعلاء يصل لدرجة أن أبليس يحتج و يرد على الله

سبحانه { خلقتني من نار وخلقته من طين } و لسان حاله يقول :

كيف يا الله تطلب مني السجود و النار أفضل من التراب ؟

هذه الذاتية أوصلت فرعون إلى قوله : { أنا ربكم الأعلى } و يلزم قومه بعبادته و برأيه فقط { قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } .

و لأن الناس خيرون بطبعهم تجدهم لا يقبلوا بالشر ، لذا تجد الاستعلاؤيون يجذرون الفرقة بينهم حتى ينشغلون فيما بينهم { إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين }. و هذه الذاتية { أنا خير منه } تتخذ صوراً متعددة تنطلق منها .

ثانياً : الذاتية الدونية

وهي عكس الاستعلائية فصاحبها يشعر بدونيته مقابل من يراه أفضل منه و النتيجة يظمر و يظهر الغل و الحسد و الحقد حتى القتل { إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } . و أصحاب هذه الذاتية يخططون و يعملون بعيداً عن الأخلاق و الأخوة . لأنهم لا يحبوا أن يكون غيرهم الأفضل ( و ليس لديهم مقومات الأفضلية ) و بالتالي يعملون على تشويه صورة الأفضل ببهتانه و إقصائه و تهميشه و ازدرائه إلى أبعد الحدود حتى لو استدعى الأمر قتله ، و هذه الذاتية تجدها في قوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } .

ثالثاً : الرفض إزاء القبول

كل فرد أو أسرة أو جماعة أو ديانة أو فرقة أو سياسة أو دول أو حضارة أو فلسفة أو فكر أو أراء يحب أصحابها أن يكونوا مقبولين ، و إذا رُفِضوا فإن العداوة تنصب نحو البديل الذي نافسهم كونه السبب الرئيس في استبعادهم : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } . فالإنسان التقي يقبل الله و الناس أعماله.

و أصحاب هذه الحالة ليست لديهم نظرة استعلائية كالحالة الاولى بدليل : { قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ} فالآية تصور نفسية قابيل باقراره بالعجز و قناعته أن الغراب أفضل منه .

فالدافع للقتل كون ما قدمه هابيل مقبول و ما قدمه قابيل مرفوض ، و هذا ينطبق على الصرعات الدينية و الفكرية و السياسية فكلها تدخل في هذا السياق .

بعد أن استعرضنا الحالات التي تستوجب الاختلافات و الخلافات حان الآن للتعرف على الحل الناجع ؟

الحل باعتقادي بالتمسك ب ( ميثاق الأخلاق الوطنية - National Charter of Ethics )

نعم ( ميثاق الأخلاق الوطنية ). فهو حل مستمد من صاحب ( الخلق العظيم المحمدي ) و كلنا محمديون فقط نحتاج إدراج الميثاق في الواقع العملي و تبني ( ميثاق الأخلاق الوطنية - National Charter of Ethics ) في كتاباتنا و أدبياتنا بشكل عملي تفاعلي وطني لأن هذا الميثاق يوحد و يجمع القلوب { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } .

و( ميثاق الأخلاق الوطنية - National Charter of Ethics ) يجعلنا نتمسك بقوة بالعدل و المساواة بين الناس حتى مع شنآنهم { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله}.

و هذا الميثاق يصاغ بحيث يكون منسجماً مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - المتعلقة بالحوار بين المذاهب الإسلامية . 



و سيكون ( ميثاق الأخلاق الوطنية - National Charter of Ethics ) له دور في تقرب و تعزز و توحد قلوب المواطنيين بمختلف تعددياتهم و أطيافهم و شرائحهم .

ليست هناك تعليقات: