أعتاد الرجل العربي في مجتمعنا -على وجه العموم لا الخصوص- أن لا يكون له دور محوري وأساسي في تنشئة الاطفال وتربيتهم والعناية بهم, بل أقتصر دوره على الموجه العام وصاحب السلطة والديكتاتورية إن أحتاج الأمر, وهو ما سبب وجود تباعد كبير بينه وبين الأبناء حينما يتقدم بهم العمر لعدم وجود جسور من التواصل السابق والعلاقة الحميمة. وهذا مما لا شك فيه أمر خاطيء لا يبرر, فغياب الرجال التام عن البيت سبب وجود عبء إضافي على المرأة, مما جعلها تقع بين فكي أختيار, إما الأنسحاب من المجتمع والأنشطة والدراسة لكي تتفرغ لتربية أبناءها, وإما تركهم بأيدي الخدم والأخرين من أجل أن تمارس دورها في المجتمع, ومن الواضح أن سبب أنتهاء المرأة لهذين الخيارين هو الغياب شبه التام للرجل في تحمل ولو دور بسيط في البيت لكي يخفف العبء عن زوجته. المشكلة أن الرجل مع ذلك قد يلوم المرأة على ما يراه سوء تصرف في تعاملها مع الأبناء, وأي خطأ قد يبدر منها تجاه الأطفال, رغم أن هذا خطاؤه في الأصل, ولا يحق له محاسبتها على ما قصر فيه. وإنشغال الرجل ليس عذرا مقبولا له, إذ أن الانشغال ليس حكرا عليه, وأسرته وأطفاله لهم الأحقية والأولوية على تجزية وقته مع أصحابه (والذي يحدث بشكل يومي في هذه الأيام). نحن اليوم نسمع دعاوي كثيرة للمرأة للعمل, والخروج من قيد الرجل, والتحرك, وهي دعاوي قد نتفق مع مضمونها العام وهدفها بعتق المرأة من قيود الاعراف الذكورية, لكن من الملاحظ أنها تجعل الأسرة والتربية شيء ليس ذا أهمية كأهمية ما يمكن أن تصنعه المرأة لنفسها, وأنه يجب أن تبحث عن ذاتها في المجتمع, لا أن تضحي بنفسها في سبيل أسرتها وأطفالها. ومن الواضح أنها دعاوي فساد وإفساد, تهدف لهدم مؤسسة العائلة فوق أصحابها, حيث يبحث كل فرد فيها عن مصالحه ولا يهتم للمصلحة العامة المشتركة بينهم. وانا هنا, بدل أن أدعو المرأة لترك التربية (وهي وظيفة لا تقل في نظري أهمية أو قداسة عن أي وظيفة أخرى, بل هي الأقدس والاطهر بنص الروايات المقدس) والسعي وراء مصالحها الفردية, أطالب الرجال جميع الرجال, بأن يعودوا لبيوتهم, وأن يكون لهم دور أساسي في الأسرة, ويخففوا الاعباء عن زوجاته, وأن يشتارك مع زوجته صناعة مستقبلهما بالتعاون المشترك, حتى تثمر الأسرة للجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق