كثر الجدل حول جدوى متابعة منافسات كرة القدم وحول القدر المعقول من الاهتمام الذي تستحقه هذه المتابعة. البعض يجدها مضيعةً كبيرةً للوقت والبعض الآخر يجدها تسليةً وترويحاً عن النفس، والبعض يبالغ ليعتبرها انتماءً يبيح التعصب. مهما كانت النظرة تجاهها، فإن متابعة كرة القدم تعلم دروساً في الحياة.. إذا أمعنا النظر!
علمتني كرة القدم أن الحياة أحوال، يوم لك ويوم عليك. وكالفريق الذي يستعد بأفضل المعسكرات ويصرف الملايين ليدجج صفوفه بأعتى اللاعبين ليتعرض بعدها لأقسى الهزائم، فقد تشاء أقدار الحياة ألا تنال مرادك رغم كل ما عملت به من أسباب.
ولكن هل يستسلم الفريق الذي يخسر البطولة؟ أبداً! فهو يعود في العام الجديد ليدفع المبالغ ويستعد بجدية للتحدي القادم. هكذا الحياة. تعمل وتجتهد، ثم لا يهم أن تسقط أو تنجح، لأنك في الحالتين عليك أن تنهض مرةً أخرى لتعمل. وقد علمتني كرة القدم أن الطريق إلى "الهدف" يحتاج إلى العديد من "الفرص الضائعة"، فحتى أفضل المهاجمين يضيعون كراتٍ أكثر من إحرازهم للأهداف.
وعلمتني كرة القدم أن المتعصب فيها هو متعصب في الحياة، وأن المحايد فيها محايد في الحياة، وأن الخلوق فيها خلوق في الحياة، وأن اللئيم فيها لئيم في الحياة. ويكفي أن يراقب أحدنا نفسه خلال مشاهدته لمباراة فريقه ليتعلم أسراراً ثمينة عن أخلاقه. ليراقب مشاعره تجاه الخصم أهي مشاعر منافسة أم كره، وليراقب ألفاظه وحياديته وتحكمه بغضبه.
ومن خلال كرة القدم عرفت التفريق بين المنافس والعدو، وضرورة انضباط الفريق (اللاعبين) لتعليمات القائد (المدرب) مهما كانت تخالف قناعاتهم، وأهمية النظام وإتقان العمل في كل صغيرة وكبيرة في كيان الفريق ليتحقق النجاح. وغيرها من الدروس العديدة التي علمتنيها الكرة عن الحياة.
ليست هذه دعوة لمتابعة كرة القدم بقدر ما هي دعوة للتأمل في كل الأمور التي نستغرق فيها ونهتم بها. فالعمل والمدرسة واللقاءات والهوايات وغيرها كلها تحوي العديد من الدروس التي تعلمنا الحياة، فقط إن فتحنا عين التفكر والتأمل.
فماذا علمتك الكرة عن الحياة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق