الثلاثاء، 20 مايو 2014

في رحاب الإمام الجواد عليه السلام

دُعِيتُ لتقديم ورقةٍ حول كتاب ( في رحاب الإمام الجواد عليه السلام ) لمؤلفه الأستاذ الشيخ علي بن محمد بن عساكر حفظه الله فكانت هذه الكلمة التي جاءت على إثر قراءتي كتابه المذكور :

بسم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الميامين 
والسلام عليكم أيها الحضور الكرام 
ابتداء نشكر المقهى الثقافي على الاستضافة ونخص بالشكر الأخ العزيز الأستاذ أبا رضوان 
كما يطيب لي أن أرحب بفضيلة الأستاذ الشيخ علي بن محمد عساكر وكم أنا سعيد بتقديم هذه المداخلة المتواضعة والتي أحسبها قراءة أولية لسفره الجميل الموسوم بفي رحاب الإمام الجواد عليه السلام ، كما أرحب بجميع الحاضرين ،
بين يدي هذا الكتاب
الكتابة في السيرة والتاريخ وبالذات في تاريخ المسلمين مسألة حساسة لارتباطها غالبا بوجهة نظر الكاتب ، وتغلب عليها النزعة العقائدية والموروث الفكري المتأصل في اللاوعي ، والكاتب قد يمنطق الأحداث من خلال فلسفته التي توجه بوصلة يراعه ،
وبالأخص إذا كانت المصادر التي وصفت الأوضاع التاريخية التي مرت بها شخصية ما ، أو فئة ما أو أحداث وقعت تاريخيا نادرة أو طوت الأقلام التاريخية عنها كشحا خوفا من السلطة أو تمكن العداء مما يجفف الدواة في التحبير والتسطير عن هذا الحدث أو تلك الشخصية 
هذا بشكل عام ، ولن نوقع هذا الحكم على هذا الكتاب ،ولكن لابد من الإشادة بطريقة الكاتب في استجلاب الأقرب للواقع من الأحداث التاريخية من خلال مقارنات عقدها في هذاالسفر الجميل وتلك إشارة أشار إليها العلامة الفضلي قدست روحه الطاهرة في تقديمه للكتاب ،
التقديمُ الذي تضمن ثناءً على الكتاب عامةً وكانت إشارات العلامة الفضلي رحمه الله بمثابة أيقونات توجيهية ، تحدث فيها عن مسألتي صغر سن الإمام و علمه ، وطرح ثلاثة أسئلة إجابتها تُعتبر خطوات البحث المنهجية حول العقل والنص والأحداث المشابهة تاريخيا ،
وتقديم العلامة الفضلي رحمه الله إضاءة مهمة على منهج الكاتب الذي اتبعه في تدوين سيرة الإمام الجواد عليه السلام من بحث كلامي إلى استدلال روائي وعقلي في ظل مقارنات عقدها الكاتب تبعد اللبس وتكشب الزيف ،
في تقدمة الكاتب نفسِه بيّن أن كتابه دراسةٌ متواضعة ولم يكن كذلك ، بيّن الكاتبُ بعض الإشكالات التي اعترضته في تحبيره هذا السفرَ القيّم في الإمام العظيم عليه السلام ، منها ندرة المصادر التي تعرضت لسيرة الإمام الجواد عليه السلام ، وأمر آخر هو ضيق الفترة التي تفصل لتقديم الكتاب للمسابقة ، مع ذلك خرج هذا الكتاب بحلته الرائعة ،
لن أتحدث عن فصول الكتاب وما سطره الكاتب، ونظرةٌ سريعة للفهرس تضعنا على العناوين التي تطرق إليها الكاتب العزيز،
قسمه إلى ستة فصول ، هي الفصل الأول : مولد الإمام الجواد ونشأته عليه السلام 
الثاني: قبسات من انوار حياته عليه السلام 
الثالث: مع الإمام الجواد عليه السلام والإمامة 
الرابع: مع الإمام الجواد عليه السلام في معاجزه
الخامس: الإمام الجواد عليه السلام وملوك عصره 
الفصل السادس: رحيل الجواد عليه السلام

ثانيا: 
لفت نظري تعليقات الكاتب على روايةٍ ما أو رأيّ ما أو اعتقادٍ أو إشكالٍ فكري تطلّب منه الوقوف والتصدي لتحليل واقع هذه الفكرةِ أو الروايةِ والتي كان يسلسلُ الإجابةَ عليها منطقيا ولوحظ ذلك في مقام استعراضه معاجز الإمام عليه السلام ، أو سنّ الإمام أو علمِه أو علم الإمام الغيبَ أو مسألةِ زواجه من ابنة المأمون ؛ بحيث لا يتركها متشحة بالاشتباه كمسألة تشيُّع المأمون وغير ذلك مما دار عليه الكتاب وتضمنه ،
الكتابُ وإن كان في ظاهره تاريخي إلا أنه تضمن بحوثا استدلالية روائية وكلامية ظهرت في تثبيت معاجز الإمام والإمامة للصغير حيث استدل بعيسى ويحيى عليهما السلام .
الكاتبُ يتمتع بحس استقرائي دالّ على الجدّ في البحث والتنقيب،
قارئٌ للأحداث من زوايا عدة ، توجيه الحدث ، أهدافه ، مآلاته ونتائجه؛ مثال تزويج الإمام الجواد عليه السلام ،
يتسم بالدقة في قراءة الرواية ومقابلة أحداثها وشخوصها بما نطق به التاريخ السلطوي والرواية الأثبت مثال قصة علي بن يقطين ومبعوث الحاكم للإمام الجواد عليه السلام. 
ثالثا:
ما لاحظته أن الكاتب يُعنى بالأسلوب الكتابي عنايةً كبيرةً فظهر ذلك في سلاسة عباراتِه وتناسق جمله وبسطه الفكرةَ بأسلوبٍ واضحٍ بعيدٍ عن الحشو الذي يضعف الدلالةَ المعنوية المتوخاة من فقراته في إطناب جميل وتوازن واعتدال ، عني بجمال العبارة وتماسكها وإشراقها في نفس القارئ والسامع ، عُني بصوابيته نحويا وصرفيا وإن لوحظ على الكتاب بعض الخلل الطباعي ربما والذي يقتنصه المتمعن في قراءته ولا يكاد يُلحظ ،،
لوحظ على بعض فقراته الإطناب غير المخل بالفكرة وتوازن الجمل 
أخيرا: 
الكتاب اشتمل على سيرة عظيم من عظماء المسلمين ، تعمّد التاريخ أن يزويهم عن الذاكرة الإنسانية وشاء أن يلقي عليهم أرديةَ النسيان ويكسوهم برين التهميش ، ويقضي الله وهو صاحب المشيئة الملكوتية أن يقيض أقلاما عرفت الحق أصالة لا وراثة واستبانت الأمر رضا لله وتقربا إليه ، 
فحق لك أخي الأستاذ الشيخ علي أن تكون من أولئك ، وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات: