من القصائد البديعة في مولد الحسين (ع) ، قصيدة العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي (قده) . هذه القصيدة بالشروط التي كتبت بها في زمانها ، تحفة عجيبة وظريفة . تليق أن تدرس كمثال للبديع والبيان في كتب البلاغة القديمة . و لأني معجب بالشيخ و جده الكبير في التعلم والتعليم والنشاط الثقافي فسأعجب بأعماله أيضاً . كان الشيخ مهتما بالمقارنة بين الأديان الإبراهيمية كثيراً ، وقد ذهب لأجل ذلك إلى بغداد و سأل بعض من فيها من أهل تلك الأديان أن يعلموه اللاتينية والعبرية ولكنهم رفضوا لمعارك قد خاضها معهم ذات صيت . لكنه تعلمه بنفسه حتى يستطيع أن يقرأ في كتبهم ليشرع في في تأليف النقود والردود عليهم وظهر بعدة كتب ورسائل منها كتاب ( الرحلة المدرسية ) الشهير .
ولم يثنه فقره المدقع من البحث والتأليف والتعلم فكما يذكر تلميذه السيد الخوئي أنه زاره مرة بعدما عزم على ترك الدراسة الحوزوية في أوائل سنيه لفرط فقره. وَجَدَ أستاذه يشكو له شوقه لشرب الشاي مع أمه ولكنه أفقر من أن يشتريه فخجل من أن يفصح عن عزيمته بعدما رأى أستاذه فصار ما صار إليه رحمهما الله .
وبمناسبة المولد أضع قصيدته البديعية في الحسين .
شعبانُ كم نَعمَتْ عينُ الهدى فِيهِ
لولا المحرمُ يأتي في دواهيهِ
وأشْرَقَ الدينُ من أنوارِِ ثالثِهِ
لولا تَغَشَّاهُ عاشورٌ بداجيهِ
وارتاحَ بالسبطِ قلبُ المصطفى فَرِحاً
لو لم يرعْهُ بذكرِ الطفِّ ناعيهِ
رآهُ خيرَ وليدٍ يُستجارُ بهِ
وخيرَ مُستشْهِدٍ في الدينِ يَحميهِ
قرَّتْ بهِ عينُ خيرِ الرُسْلِ ثمَّ بَكَتْ
فَهَلْ نُهنِّيهِ فيهِ أم نُعَزِّيهِ ؟
إنْ تَبْتَهِجْ فاطمٌ في يومِ مولدِهِ
فليلةُ الطفِّ أمستْ من بواكِيهِ
أو يَنْتَعِشْ قلبُها من نورِ طلعِتِهِ
فقد أُدِيلَ بقانيْ الدمْعِ جَاريهِ
فقلبُها لم تَطلْ فِيهِ مَسَرَّتُهُ
حتى تَنَازَعَ تَبريحُ الجَوى فيهِ
بُشرى أبا حَسنٍ في يومِ مولدِهِ
ويومَ أرعَبَ قلبَ الموتِ ماضيهِ
ويومَ دَارَتْ على حَرْبٍ دوائرُهُ
لولا القضاءُ وما أوحاهُ داعيهِ
ويومَ أضْرَمَ جَوَّ الطَفِّ نَارَ وغَىً
لو لم يَخِرَّ صريعاً في مَحَانِيهِ
يا شمسَ أوجِ العلى ما خِلتُ عَنْ كَثَبٍ
تمسي وأنتَ عفيرُ الجِسمِ ثاويهِ
فيا لجسمٍ على صدرِ النبيِّ رُبي
تَوَزعْتُهُ المَواضِي مِنْ أعادِيهِ
ويا لرأسٍ ، جَلالُ اللَهِ تَوَّجَهُ بهِ ،
.. ينوءُ على المَيَّادِ عَاليهِ
وصَدْرِ قُدْسٍ حَوى أسرارَ بَارئِهِ
يكونُ للرِجْسِ شِمْرٍ مِنْ مَرَاقِيهِ
ومَنْحَرٍ كانَ للهادِي مُقَبَّلُهُ
أضْحى يُقَبِّلُهُ شِمْرٌ بِماضِيهِ
.. يا ثائراً للهدى والدينِ مُنتصراً
أمْسَتْ أمَيَّةُ نَالَتْ ثارَها فيهِ
أنَّى و شَيخُكَ سَاقِي الحَوضِ حَيدرةٌ
تقضيْ ،وأنتَ لهيفُ القلبِ ظَامِيهِ ؟
ويا إماماً لهُ الدينُ الحَنيفُ لَجَا
لَوذاً ، فَـقُمْتَ، فَدَتْكَ النَفْسُ، تَفْدِيهِ
أعْظِمْ بِيَومَكَ هذا في مَسَرَّتِهِ
ويومِ عاشورَ فيما نالَكم فيهِ
يا مَنْ بهِ تَفْخَرُ السَبْعُ العُلى و لَهُ
إمامةُ الحَقِّ مِنْ إحدى مَعاليهِ
أعْظِمْ بمثواكَ في وادي الطفوفِ عُلاً
يا حَبَّذا ذلك المَثْوى و وَادِيهِ
لهُ حَنينيْ .. و مِنْهُ لَوعَتِيْ .. وإلى
مغناهُ شَوقِيْ .. و أعلاقُ الهَوى فِيهِ ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق